«سألت النبي صلّى الله عليه وسلّم عن نظرة الفجاءة فأمرنى أن أصرف بصرى» ، وروى أبو داود أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال لعلى : «يا علىّ لا تتبع النظرة النظرة ، فإن لك الأولى وليس لك الآخرة» ، وفى الصحيح عن أبى سعيد قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم «إياكم والجلوس على الطرقات ، قالوا يا رسول الله لا بد لنا من مجالسنا نتحدث فيها ، فقال صلّى الله عليه وسلم : إن أبيتم فأعطوا الطريق حقه ، قالوا وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال غضّ البصر ، وكفّ الأذى ، ورد السلام ، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر».
والحكمة فى ذلك : أن فى غض البصر سدا لباب الشر ، ومنعا لارتكاب المآثم والذنوب ، ولله در أحمد شوقى حيث يقول :
نظرة فابتسامة فسلام |
|
فكلام فموعد فلقاء |
(وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) بمنعها من عمل الفاحشة ، أو بحفظها من أن أحدا ينظر إليها ، وقد جاء فى الحديث : «احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك».
(ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ) أي ما ذكر من غض البصر وحفظ الفرج أطهر من دنس الريبة وأنفع دينا ودنيا فقد قالوا : النظر بريد الزنا ورائد الفجور ، ولله در شاعرهم :
كل الحوادث مبداها من النظر |
|
ومعظم النار من مستصغر الشرر |
كم نظرة فعلت فى قلب فاعلها |
|
فعل السهام بلا قوس ولا وتر |
والمرء مادام ذا عين يقلّبها |
|
فى أعين العين موقوف على الخطر |
بسر ناظره ما ضر خاطره |
|
لا مرحبا بسرور عاد بالضرر |
(إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ) فلا يخفى عليه شىء مما يصدر منهم من الأفعال كإجالة النظر واستعمال سائر الحواس ، وماذا يراد بذلك ، فلتكونوا على حذر منه تعالى فى كل ما تأتون وما تذرون.