ثم أتى بما هو كالنتيجة لما سلف فقال :
(فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ) أي فلا تأسف على عدم إيمانهم وعدم إجابتهم دعوتك ، فإن الله حكيم في قدره ، فهو يضل من يضل من عباده ويهدى من يشاء لما له في ذلك من الحجة البالغة ، والعلم التام باستعداد النفوس ، إما بإخباتها لربها ، وإنابتها إليه ، وميلها إلى صالح العمل ، وإما بتدسيتها وحبها لاجتراح السيئات ، وارتكاب الموبقات.
ونحو الآية قوله : «فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً».
ثم هدد الكافرين على قبيح أعمالهم فقال :
(إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ) أي إن الله عليم بما يصنعون من القبائح ، فيجازيهم عليه بما يستحقون ، وفي هذا وعيد تهد منه الجبال وتدك منه الأرض دكا.
(وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كَذلِكَ النُّشُورُ (٩) مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ (١٠) وَاللهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْواجاً وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ (١١))
تفسير المفردات
أرسل : أي أطلق وأوجد من العدم ، تثير أي تحرك ، ميت وميّت بمعنى قاله محمد بن يزيد وأنشد :