لهم ، فيشرع لهم من الأحكام ما يناسب أحوال الناس في كل زمان ومكان ، ويرسل من الرسل من هو حقيق بتبليغ ذلك للناس «اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ».
(ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا ، فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ ، وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ ، وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللهِ) أي أوحينا إليك القرآن ثم أورثناه من اصطفينا من عبادنا ، وهم هذه الأمة التي هى خير الأمم بشهادة الكتاب «كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ» وجعلناهم أقساما ثلاثة :
(١) ظالم لنفسه ، مفرّط فعل بعض الواجبات ، مرتكب لبعض المحرمات.
(٢) مقتصد مؤدّ للواجبات ، تارك للمحرمات ، تقع منه تارة بعض الهفوات ، وحينا يترك بعض المستحسنات.
(٣) سابق بالخيرات بإذن الله ، يقوم بأداء الواجبات والمستحبات ، ويترك المحرمات والمكروهات وبعض المباحات.
والخلاصة ـ إن الأمة في العمل أقسام ثلاثة : مقصّر في العمل بالكتاب مسرف على نفسه. ومتردد بين العمل به ومخالفته. ومتقدم إلى ثواب الله بعمل الخيرات وصالح الأعمال بتيسير الله وتوفيقه.
وقال الحسن : الظالم الذي ترجح سيئاته على حسناته ، والمقتصد الذي استوت حسناته وسيئاته ، والسابق من رجحت حسناته على سيئاته.
(ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) أي ذلك الميراث والاصطفاء فضل عظيم من الله لا يقدر قدره.
وبعد أن ذكر سبحانه أحوال السابقين بيّن جزاءهم ومآلهم بقوله :
(جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً ، وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ) أي بساتين إقامة يدخلها هؤلاء الذين أورثناهم الكتاب واصطفيناهم من عبادنا يوم القيامة ، ويحلون فيها أسورة من ذهب ولآلئ ويكون لباسهم حريرا