وأنها تهدى إلى الصراط المستقيم ، ومعاند جاحد بها يسعى في إبطالها ، ومآل أمره العذاب الأليم على ما دسّى به نفسه من قبيح الخلال.
الإيضاح
(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ) أي وقال الذين ستروا ما أرشدتهم إليه عقولهم من البراهين الدالة على قيام الساعة : إنه لا رجعة بعد هذه الدنيا ولا بعث ولا حساب ، إن هى إلا أرحام تدفع ، وأرض تبلع ، وما نحن بمبعوثين.
وقد أمر الله رسوله أن يرد عليهم مؤكدا لهم بطلان ما يدّعون.
(قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ) أي قل لهم إنها وربى لآتية لا ريب فيها.
وهذه الآية إحدى آيات ثلاث أمر الله فيها رسوله أن يقسم بربه العظيم على وقوع المعاد حين أنكره من أنكره من أهل الشرك والعناد ، فإحداهن في سورة يونس «وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ» وثانيتها فى سورة التغابن «زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا ، قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ وَذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ» وثالثتها ما هنا.
ثم وصف المولى نفسه بكامل العلم وعظيم الإحاطة بالموجودات مما يؤكد إمكان البعث فقال :
(عالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) أي إن وقت مجيئها لا يعلمه سوى علام الغيوب الذي لا يغيب عن علمه شىء في السموات ولا في الأرض من ذرة فما دونها ولا ما فوقها ، أين كانت وأين ذهبت ، فكل ذلك محفوظ في كتاب مبين ، فالعظام وإن تلاشت ، واللحوم وإن تفرقت وتمزقت ، فهو عالم أين ذهبت وأين تفرقت ، فيعيدها كما بدأها أول مرة وهو بكل شىء عليم.
ثم بين الحكمة في إعادة الأجسام وقيام الساعة بقوله :