حينئذ أظهر ، وجاء في الأثر «النظر سهم مسموم من سهام إبليس» وقال الشاعر :
والمرء مادام ذاعين يقلّبها |
|
فى أعين العين موقوف على الخطر |
يسرّ مقلته ما ساء مهجته |
|
لا مرحبا بانتفاع جاء بالضرر |
ولما ذكر ما ينبغى من الآداب حين دخول بيت الرسول أكده بما يحملهم على ملاطفته وحسن معاملته بقوله :
(وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ) أي وما كان ينبغى لكم أن تفعلوا فى حياته صلّى الله عليه وسلم فعلا يتأذى به ويكرهه كاللبث والاستئناس للحديث الذي كنتم تفعلونه ، فإن الرسول يسعى لخيركم ومنفعتكم في دنياكم وآخرتكم ، فعليكم أن تقابلوا بالحسنى كفاء جليل أعماله.
ولما كان صلّى الله عليه وسلم قد قصر عليهن قصرهن الله عليه بقوله :
(وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً) أي ولا تنكحوا أزواجه أبدا من بعد مفارقتهن بموت أو طلاق ، زيادة في شرفه ، وإظهارا لعظمته وجلاله ، ولأنهن أمهات المؤمنين ، والمرء لا يتزوج أمه.
ثم بين السبب فيما تقدم بقوله :
(إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيماً) أي إن ذلك الإيذاء وزواج نسائه من بعده أمر عظيم ، وخطب جلل ، لا يقدر قدره غير الله تعالى.
ولا يخفى ما في هذا من شديد الوعيد وعظيم التهديد على هذا العمل ـ إلى ما فيه من تعظيم شأن الرسول وإيجاب حرمته حيا وميتا.
ثم بالغ في الوعيد وزاد في التهديد بقوله :
(إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) أي إن ما تكنّه ضمائركم ، وتنطوى عليه سرائركم ، فالله يعلمه ، إذ لا تخفى عليه خافية «يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ» ثم يجازيكم بما صدر منكم من المعاصي البادية والخافية.
والكلام وإن كان عاما بظاهره فالمقصود ما يتعلق بزوجاته عليه الصلاة والسلام.