«إن في الجنة لغرفا ترى ظهورها من بطونها ، وبطونها من ظهورها ، فقال أعرابى لمن هى؟ قال لمن طيب الكلام ، وأطعم الطعام ، وأدام الصيام ، وصلّى بالليل والناس نيام».
ثم بين حال المسيء الذي يبعده ماله وولده من الله فقال :
(وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ) أي والذين يصدّون عن آيات كتابنا بالطعن فيها يبتغون إبطالها ، ويريدون إطفاء أنوارها ظانين أنهم يفوتوننا وأننا لن نقدر عليهم ، فأولئك في عذاب جهنم يوم القيامة تحضرهم الزبانية إليها ولا يجدون عنها محيصا ، ولا يجديهم نفعا ما عوّلوا عليه من شفاعة الأصنام والأوثان.
ثم زهّد عباده في الدنيا وحضهم على التقرب إليه بالإنفاق فقال :
(قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ) أي قل لهم أيها الرسول : إن ربى يوسع الرزق على من يشاء من عباده حينا ، ويضيّقه عليه حينا آخر ، فلا تخشوا الفقر وأنفقوا في سبيله وتقرّبوا إليه بأموالكم لتنالكم نفحة من رحمته.
(وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ) أي وما أنفقتم من شىء فيما أمركم به ربكم وأباحه لكم فهو يخلفه عليكم ويعوضكم بدلا منه في الدنيا مالا وفي الآخرة ثوابا ، كلّ خلف دونه ، وفي الحديث : «أنفق بلالا ، ولا تخش من ذى العرش إقلالا» وعن مجاهد أنه خصه بالآخرة إذ قال : إذا كان لأحدكم شىء فليقتصد ، ولا يتأول هذه الآية : «وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ» فإن الرزق مقسوم ، ولعل ما قسم له منه قليل ، وهو ينفق نفقة الموسّع عليه.
(وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) فترزقون من حيث لا تحتسبون ولا رازق غيره روى الشيخان عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم «ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما : اللهم أعط منفقا خلفا ، ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا».