وأنطاكية والإسكندرية ورومية ، لأنها مدينة الملك قسطنطين الذي نصر دينهم ووطده ، ولما ابتنى القسطنطينية نقلوا البطرين من رومية إليها.
ثم فصل ما تقدم وزاده بيانا فقال :
(إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ فَقالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ) أي حين أرسلنا إليهم رسولين من عندنا فأسرعوا في تكذيبهما فقويناهما وشددنا أزرهما برسول ثالث فقالوا لأهل القرية : إنا إليكم مرسلون من ربكم الذي خلقكم ، بأن تخلصوا له العبادة ، وتتبرءوا مما تعبدون من الآلهة والأصنام.
والمشهور أن الرسولين الأولين كانا يوحنا وبولس والرسول الثالث شمعون.
ثم ذكر شبهة ، كثيرا ما تمسك بها المكذبون للرسل من الأمم الماضية.
(قالُوا ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا وَما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ) أي قال أصحاب القرية للثلاثة الذين أرسلوا إليهم : ما أنتم إلا بشر مثلنا من غير مزية دعية لاختصاصكم بما تدّعون ، وما أنزل الرّحمن إليكم رسالة ولا كتابا ولا أمركم فينا بشىء ، ما أنتم إلا كاذبون في قيلكم إنا مرسلون إليكم.
وفي قولهم «ما أنزل الرّحمن» إيماء إلى أنهم يعترفون بالألوهية لكنهم ينكرون الرسالة ويتوسلون بالأصنام. وحينئذ رد عليهم الرسل مؤكدين رسالتهم.
(قالُوا رَبُّنا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ) أي فأجابهم الرسل قائلين : الله يعلم إنا رسله إليكم ولو كنا كذبة عليه لا نتقم منا أشد الانتقام ، ولكنه سيعزنا وينصرنا عليكم وستعلمون لمن تكون عقبى الدار؟
ونحو الآية قوله : «قُلْ كَفى بِاللهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ وَكَفَرُوا بِاللهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ».
ثم ذكر الرسل ما أمروا به فقالوا :