بانتها كهم حرمات الدين ، والمرجفون : هم اليهود الذين كانوا يلفقون أخبار السوء وينشرونها عن سرايا المسلمين وجندهم ، وهو من الإرجاف وهو الزلزلة ؛ وصفت بها الأخبار الكاذبة لكونها مزلزلة غير ثابتة ، لنغرينك بهم : أي لنسلطنك عليهم ولنحرشنّك بهم ، ملعونين : أي مبعدين من رحمة الله ، ثقفوا : أي وجدوا ، خلوا : أي مضوا.
المعنى الجملي
بعد أن ذكر سبحانه أن من يؤذى مؤمنا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا ، زجرا لهم عن الإيذاء ـ أمر النبي صلّى الله عليه وسلم بأن يأمر بعض المتأذين بفعل ما يدفع الإيذاء عنهم في الجملة من التستر والتميز بالزي واللباس حتى يبتعدوا عن الأذى بقدر المستطاع.
روى أنه لما كانت الحرائر والإماء في المدينة يخرجن ليلا لقضاء الحاجة في الغيطان وبين النخيل بلا فارق بين الحرائر والإماء ، وكان في المدينة فساق يتعرضون للإماء وربما تعرضوا للحرائر ، فإذا كلّموا في ذلك قالوا حسبناهن إماء ـ فطلب من رسوله أن يأمر الحرائر أن يخالفن الإماء في الزي والتستر ، ليتما يزن ويهبن ، فلا يطمع فيهن طامع.
الإيضاح
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ) طلب سبحانه من نبيه صلّى الله عليه وسلم أن يأمر النساء المؤمنات المسلمات ، وبخاصة أزواجه وبناته ، بأن يسدلن عليهن الجلابيب إذا خرجن من بيوتهن ليتميزن عن الإماء.
روى على بن طلحة عن ابن عباس قال : أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطّين وجوههن من فوق رءوسهنّ بالجلابيب ويبدين عينا واحدة.
وعن أم سلمة قالت : لما نزلت هذه الآية (يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ) خرج نساء الأنصار كأن رءوسهن الغربان من السكينة ، وعليهن أكسية سود يلبسنها.