يرشد إلى ذلك قوله صلّى الله عليه وسلم «خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء» يريد عائشة رضى الله عنها ، والعرب تقول امرأة حمراء أي بيضاء.
(٢) إن المصاهرة من أقوى عوامل التآلف والتناصر كما هو مشاهد معروف ، والدعوة في أول أمرها كانت في حاجة ماسة إلى الإكثار من ذلك ، لا جتذاب القبائل إليه ومؤازرتهم له ، لذود عوادى الضالين ، وكف أذاهم عنه ، ومن ثم كان أكثر زوجاته من قريش سيدة العرب.
(٣) إن المؤمنين كانوا يرون أن أعظم شرف وأمتن قربة إلى الله تعالى مصاهرتهم لنبيه وقربهم منه ، فمن ظفر بالمصاهرة فقد أدرك ما يرجو. ألا ترى أن عمر رضى الله عنه أسف جد الأسف حين فارق رسول الله صلّى الله عليه وسلم ابنته وقال : لا يعبأ بعدها بعمر ، ولم ينكشف عنه الهم حتى روجعت ، وأن عليا كرم الله وجهه على اتصاله برسول الله صلى الله عليه وسلم من طريق النسب وشرف اقترانه بالزهراء رغب في أن يزوجه أخته أم هانىء بنت أبى طالب ليتضاعف شرفه ولم يمنعها من ذلك إلا خوفها أن تقصّر فى القيام بحقوق الرسول مع خدمة أبنائها.
الأسباب الخاصة بزواج كل واحدة من أمهات المؤمنين
(١) تزوج النبي صلّى الله عليه وسلم بعد خديجة سودة بنت زمعة أرملة السكران ابن عمرو الذي أسلم واضطرّ إلى الهجرة إلى بلاد الحبشة هربا من اضطهاد المشركين ومات هناك وأصبحت امرأته بلا معين ، وهى أرمل رجل مات في سبيل الدفاع عن الحق ، فتزوجها النبي صلّى الله عليه وسلم وفاء لرجل غادر الأهل والأوطان احتفاظا بعقيدته ، وقد شاركته هذه الزوجة في أهوال التغريب والنفي ، وحماية لها من أهلها أن يفتنوها ، لأنها هاجرت مع زوجها على غير رغبتهم.
(٢) تزوج ميمونة بنت الحارث الهلالية وعمرها زهاء خمسين عاما ، وكان زواجه منها سببا في دخول خالد بن الوليد في دين الله ، وهو المجاهد الكبير والبطل العظيم ،