ونحو الآية قوله : «إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ».
ثم ذكر ما يؤكد الخشية من الله وخوف عقابه بقوله :
(إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتى وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ) أي إنا نحيى الموتى جميعا من قبورهم يوم القيامة ، ونكتب ما أسلفوا من عمل ، وتركوا من أثر حسن بعدهم ، كعلم علّموه ، أو حبيس في سبيل الله وقفوه ، أو مستشفى لنفع الأمة أنشئوه ، أو أثر سيىء كغرس الأحقاد والأضغان ، وترتيب مبادئ الشر والعدوان بين الأنام.
روى ابن أبى حاتم عن جرير بن عبد الله البجلي قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم «من سنّ حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيئا ، ومن سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده لا ينقص من أوزارهم شيئا ، ثم تلا : ونكتب ما قدّموا وآثارهم» والمراد من كتابة ذلك مجازاتهم عليه إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر.
ثم ذكر أن الضبط والإحصاء لا يخص أعمال بنى آدم ، بل يتناول جميع الأشياء فقال :
(وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ) أي وبيّنا كل شىء وحفظناه ، فى أصل عظيم يؤتم به ، ويتبع ولا يخالف ، وهو علمنا الأزلى القديم الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها.
ونحو الآية قوله : «عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى» وقوله : «وكلّ شىء فعلوه في الزّبر. وكلّ صغير وكبير مستطر».
(وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (١٣) إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ فَقالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ