فرائضه. وعن الحسن وقتادة : لا يقبل الله قولا إلا بعمل ، من قال وأحسن قبل الله منه.
والخلاصة ـ إن القول إذا لم يصحبه عمل لا يقبل ، وأنشدوا :
لا ترض من رجل حلاوة قوله |
|
حتى يزيّن ما يقول فعال |
وإذا وزنت فعاله بمقاله |
|
فتوازنا فإخاء ذاك جمال |
وقال ابن المقفّع : قول بلا عمل كثريد بلا دسم ، وسحاب بلا مطر ، وقوس بلا وتر.
وبعد أن ذكر أن العمل الصالح يصعد إلى الله ، ذكر أن المرائين لا يتقبل منهم عمل ، ولهم عذاب شديد عند ربهم قال :
(وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ) أي والذين يمكرون المكر السيّء بالمسلمين ، بأن يعملوا كل ما يكون سببا في ضعف الإسلام والحطّ من قدره حتى يمّحى أثره من الوجود ، كما فعلت قريش في دار الندوة ، إذ تدارست الرأى في شأن النبي صلى الله عليه وسلم يحبسه أو قتله أو إجلائه من مكة ـ لهم العذاب الشديد يوم القيامة.
(وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ) أي ومكر هؤلاء المفسدين يظهر زيفه عن قريب لأولى البصائر ، فإنه ما أسرّ أحد سريرة إلا أبداها الله تعالى على صفحات وجهه وفلتات لسانه ، وما أسر أحد سريرة إلا كساه الله رداءها إن خيرا فخير وإن شرا فشر ، فالمرائى لا يروج أمره ولا يتفق إلا على غبىّ ، أما المؤمنون المتفرسون فلا يروج ذلك عليهم ، بل ينكشف عن قريب ، ويجازون عليه أشد الخزي والهوان.
ثم ذكر دليلا على صحة البعث بما يرى في الأنفس فقال :
(وَاللهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْواجاً) أي والله خلق الناس من النطفة ، والنطفة من الغذاء ، والغذاء ينتهى آخرا إلى الماء والتراب ، فهم من تراب صار نطفة ، ثم جعلهم أصنافا ذكرانا وإناثا بقدر معلوم بحيث يكاد الفريقان يستويان عددا ، ولو لم يكن كذلك لفنى الإنسان والحيوان ، إذ حفظ النوع لا يتم