(لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) أي ببعثهم من قبورهم يوم القيامة ، ليثيب الذين آمنوا بالله وعملوا بما أمرهم به وانتهوا عما نهاهم عنه وأولئك لهم مغفرة لذنوبهم من لدنه ، وعيش هنىء في الجنة لا تعب فيه ولا منّ عليه ، والخلاصة ـ إن الحكمة تقتضى وجودها ، وليس هناك مانع منها ، فالعلم المحيط بالغيب موجود ، فقد وجد المقتضى لوجودها ، وارتفع المانع من إتيانها.
(وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ) أي وليجزى الذين سعوا في إبطال أدلتنا وحججنا عنادا منهم وكفرا ، وظنوا أنهم يسبقوننا بأنفسهم فلا نقدر عليهم بشديد العذاب في جهنم وبئس المهاد ، لما اجترحوا من السيئات ودسّوا به أنفسهم من قبيح الأعمال.
وإجمال ذلك ـ إن الساعة آتية لا محالة ، لينعم السعداء المؤمنون ، ويعذّب الأشقياء الكافرون.
ونحو الآية قوله : «أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ» وقوله : «لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ».
ثم استشهد باعتراف أولى العلم ممن آمن من أهل الكتاب كعبد الله بن سلام وكعب وأضرابهما بصحة ما أنزل إليك ، ليردّ به على أولئك الجهلة الساعين في الآيات الذين أنكروا الساعة فقال :
(وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) أي وقال الجهلة المنكرون للبعث والحشر والحساب ـ إنه لا رجعة بعد هذه الدنيا ؛ وقال العالمون من أهل الكتاب ومن أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم ومن يأتى من بعدهم من أمته : إن الذي أنزل إليك من ربك مثبتا لقيام الساعة ومجازاة كل عامل بما عمل من خير أو شر ـ هو الحق الذي لا شك فيه ، وأنه هو الذي