الافضلية وإذا كانت ثمة أفضلية في المقام فهي للانبياء لكثرتهم لا لذلك الشعب المتعجرف فبالعكس أن كثرة الأنبياء تدل على كثرة الفساد وشدة الانحراف عن طريق الأنبياء والطغيان الذي ملأهم ، فالانبياء إنما يبعثون لحاجة البشر اليهم ، وهذا ما أخبَرنَا به القرآن الكريم حيث كان اليهود يقتلون الأنبياء بغير حق فكلما كان يقتل نبي يبعث نبي آخر وهكذا وفي ذلك يقول القرآن الكريم : ( ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الحَقِّ ) (١). ( فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بِآيَاتِ اللهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ) (٢).
إذن كثرة الأنبياء تدل علىٰ سقوط ذلك الشعب وكفره وإنتشار الفساد فيه وليس تدل علىٰ أفضلية ذلك الشعب ، وبني إسرائيل تلك الأُمة المنحرفه والتي لا زال شرها الىٰ الآن علىٰ العالم الاسلامي بل علىٰ كل العالم كانت في الحقيقة أُمة غير ناجحة وفاشلة جداً والسبب في ذلك هو تمردها علىٰ انبياءها وعلمائها وقدِّيسيها وقادتها وهذا هو السبب في فشلهم ، وعلىٰ هذا الاساس تكون كلمة الاصطفاء على العالمين مثل كلمة التفضيل إذن من نفس مفردات القرآن الكريم نستفيد من كلمة عالمين أي عالم زمانها سواء كانت كلمة عالمين في قضية تفضيل اليهود أو تفضيل الأنبياء أو تفضيل مريم عليهاالسلام ، فتكون كلمة عالمين يعني عالم زمانها ليس إلاّ.
٤) روي أن زكريا كلما دخل علىٰ مريم عليهاالسلام وهي في محرابها ( وكان آنذاك رئيس الهيكل اليهودي فإهتم بها وتفقد شؤونها ) وجد عندها طعاماً وعهده بها أن لا يدخل عليها أحد ، فسألها متعجباً : أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا ! ... قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللهِ ـ أي لا بواسطة أحد من الناس ـ إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ. ولا شك ولا ريب أن هذه كرامة لمريم عليهاالسلام فهل في فاطمة الزهراء عليهاالسلام موجودة هذه الكرامة أم انها إختصت بمريم فقط فتكون مفضلة علىٰ الصديقة عليهاالسلام ؟ قلنا : نعم حدثت مثل هذه الكرامة لسيدة النساء فاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقد جاء في تفسير روح البيان للشيخ اسماعيل حقي عند تفسير قوله تعالىٰ حكاية عن مريم : ( هُوَ مِنْ عِندِ اللهِ ) جاء في هذا التفسير ما نصه
__________________
(١) البقرة : آية ٦١.
(٢) النساء : ١٥٥.