فجل الله الإيمان تطهيراً لكم من الشرك ، والصلاة تنزيهاً لكم عن الكبر ، والزكاة تزكية للنفس (١) ونماء في الرزق (٢) ، والصيام تثبيتاً للإخلاص (٣) ، والحجّ تشييداً للدين (٤) ، والعدل تنسيقاً للقلوب (٥) ، واطاعتنا نظاماً للملة ، وإمامتنا أمانا من الفرقة ، والجهاد عزاً للإسلام ، والصبر معونةً على استيجاب الأجر (٦) ، والأمر بالمعروف مصلحة للعامّة ، وبر الوالدين وقايةً من السخط (٧) ، وصلة الارحام منماةً للعدد (٨) ، والقصاص حصناً للدماء ، والوفاء بالنذر تعريضاً للمغفرة ، وتوفية المكاييل والموازين
__________________
فالمراد بالبينات : المحكمات ، وبالجمل : المتشابهات ، ووصفها بالكافية لدفع توهم نقص فيها لإجمالها فإنها كافية فيما اُريد منها ، ويكفي معرفة الراسخين في العلم بالمقصود منها فإنهم المفسرون لغيرهم. ويحتمل أن يكون المراد بالجمل العمومات التي يستنبط منها الأحكام الكثيرة.
(١) أي من دنس الذنوب ، أو من رذيلة البخل ، إشارة إلى قوله تعالى : ( تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا ).
(٢) إيماء إلى قوله تعالى ( وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ المُضْعِفُونَ ) ، على بعض التفاسير.
(٣) أي لتشيد الإخلاص وإبقائه أو لإثباته وبيانه. ويؤيد الأخير أن في بعض الروايات : « تبييناً ». وتخصيص الصوم بذلك لكونه أمراً عدمياً لا يظهر لغيره تعالى ، فهو أبعد من الرياء وأقرب الى الإخلاص. وهذا أحد الوجوه في تفسير الحديث المشهور : « الصوم لي وأنا أجزي به » وقد شرحناه في حواشي الكافي وسيأتي في كتاب الصوم إن شاء الله تعالى.
(٤) إنما خص التشيد به لظهوره ووضوحه وتحمل المشاق فيه وبذل النفس والمال له ؛ فالإتيان به أدل دليل على ثبوت الدين ؛ أو يوجب استقرار الدين في النفس لتلك العلل وغيرها مما لا نعرفه. ويحتمل أن يكون إشارة إلى ما ورد في الأخبار الكثيرة من أن علة الحج التشرف بخدمة الإمام وعرض النصرة عليه وتعلم شرايع الدين منه ، فالتشييد لا يحتاج إلى تكلف. وفي العلل ورواية ابن أبي طاهر : « تسليةً للدين » فلعل المعنى تسلية للنفس بتحمل المشاق وبذل الأموال بسبب التقيد بالدين ؛ أو المراد بالتسلية الكشف والإيضاح فإنها كشف الهم ؛ أو المراد بالدين أهل الدين. أو اُسند إليه مجازاً. والظاهر أنه تصحيف « تسنية » وكذا في بعض نسخ العلل ، أي يصير سبباً لرفعة الدين وعلوّه.
(٥) التنسيق : التنظيم. وفي العلل : « مسكاً للقلوب » أي ما يمسكها. وفي القاموس : « المُسكة بالضم : ما يتمسك به وما يمسك الأبدان من الغذاء والشراب ، والجمع كصرد. والمسك محركة : الموضع يمسك الماء ». وفي رواية ابن أبي طاهر والكشف : « تنسُّكاً للقلوب » أي عبادةً لها ، لأن العدل أمر نفساني تظهر آثاره على الجوارح.
(٦) إذ به يتم فعل الطاعات وترك السيئات.
(٧) أي سخطهما أو سخط الله تعالى ، والأول أظهر.
(٨) المنماة : اسم مكان أو مصدر ميمي أي يصير سبباً لكثرة عدد الأولاد والعشاير ، كما أن قطعها يذر الديار بلاقع من أهلها.