الأخبار (١) ، وتنكصون عند النزال (٢) ، وتفرون عند القتال.
فلما اختار الله لنبيه دار أنبيائه ومأوى أصفيائه ، ظهر فيكم حسيكة النفاق (٣) ، وسمل جلبات الدين (٤) ، ونطق كاظم الغاوين (٥) ، ونبغ خامل الأقلِّين (٦) ، وهدر فنيق المبطلين (٧).
فخطر في عَرَصاتكم (٨) ، وأطلع الشيطان رأسه من مغرزه ، هاتفاً بكم ، فألفاكم لدعوته مستجيبين (٩) ، وللغرَّة فيه ملاحظين (١٠). ثم استنهضكم (١١) فوجدكم
__________________
(١) التوكُّف : التوقع. والمراد إخبار المصائب والفتن. وفي بعض النسخ : « تتواكفون الإخيار » ، يقال : واكفه في الحرب أي واجهه.
(٢) النكوص : الإحجام والرجوع عن الشيء. والنزال بالكسر : أن ينزل القرنان عن إبلهما إلى خيلهما فيتضاربا. والمقصود من تلك الفقرات أنّهم لم يزالوا منافقين لم يؤمنوا قطّ.
(٣) الحسيكة : العداوة. قال الجوهري : « الحسك : حسك السعدان ، الواحدة : حسكة وقولهم : في صدره عليَّ حسيكة وحساكة أي ضغن وعداوة ». وفي بعض الروايات « حسكة النفاق » فهو على الاستعارة.
(٤) سمل الثوب ـ كنصر ـ صار خلقاً. والجلباب بالكسر : الملحفة ، وقيل : ثوب واسع للمرأة غير الملحفة ، وقيل : هو إزار ورداء ، وقيل : هو كالمقنعة تغطّي به المرأة رأسها وظهرها وصدرها.
(٥) الكظُوم : السكوت.
(٦) نبغ الشيء ـ كمنع ونصر ـ أي ظهر ، ونبغ الرجل : اذا لم يكن في ارث الشعر ثم قال وأجاد. والخامل : من خفي ذكره وصوته وكان ساقطاً لانباهة له. والمراد بالأقلين : الأذلون. وفي بعض الروايات : « الأوَّلين » وفي الكشف : « فنطق كاظم ، ونبغ خامل ».
(٧) الهدير : ترديد البعير صوته في حنجرته. والفنيق : الفحل المكرم من الإبل الذي لا يركب ولا يهان لكرامته على أهله.
(٨) يقال : خطر البعير بذنبه يخطر ـ بالكسر ـ خطراً وخطراناً : إذا رفعه مرة بعد مرة وضرب به فخذيه ، ومنه قول الحجاج لما نصب المنجنيق على الكعبة : « خطّارة كالجمل الفنيق » ، شبه رميها بخطران الفنيق.
(٩) مغرز الرأس ، بالكسر : ما يختفي فيه. وقيل : لعل في الكلام تشبيهاً للشيطان بالقنفذ ، فإنه انما يطلع رأسه عند زوال الخوف ؛ أو بالمرجل الحريص المقدم على أمر ، فانه يمد عنقه إليه. والهتاف : الصياح. « وألفاكم » أي وجدكم.
(١٠) الغرة ، بالكسر : الاغترار والانخداع. والضمير المجرور راجع إلى الشيطان. وملاحظة الشيء : مراعاته ؛ وأصله من اللحظ وهو النظر بمؤخر العين ، وهو اينما يكون عند تعلق القلب بشيء ، أي وجدكم الشيطان لشدة قبولكم للإنخداع كالذي كان مطمح نظره أن يغتر بأباطيله. ويحتمل أن يكون « للعزة » بتقدم المهملة على المعجمة. وفي الكشف : « وللغرة ملاحظين » أي وجدكم طالبين للغرة.
(١١) النهوض : القيام ، واستنهضه لأمر أي أمره بالقيام إليه.