خفافاً (١) ، وأحمشكم فألفاكم غضاباً (٢) ، فوسمتم (٣) غير ابلكم ، وأوردتم غير شربكم (٤) ؛ هذا والعهد قريب ، والكَلْمُ رحيب ، والجرح لمّا يندملْ (٦) ، والرسول لمّا يُقبرْ (٧) زعمتم خوف الفتنة (٨) ، « ألا في الفتنة سقطوا وإنَّ جهنم لمحيطة بالكافرين »(٩).
فهيهات منكم ، وكيف بكم ، وأنّى تؤفكون ؟ وكتاب الله بين أظهركم (١٠) ، اُموره ظاهرة ، وأحكامه زاهرة (١١) ، وأعلامه باهرة ، وزواجره لائحة ، وأوامره واضحة ، قد خلَّفتموه وراء ظهوركم ، أرغبةً عنه تريدون ، أم بغيره تحكمون ، ( بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً (١٢) ) (١٣) ( وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ
__________________
(١) أي مسرعين إليه.
(٢) أحمشت الرجل : أغضبته ، وأحمشت النار : ألهبتها. أي حملكم الشيطان على الغضب فوجدكم مغضبين لغضبه ، أو من عند أنفسكم. وفي المناقب القديم : « عطافاً » بالعين المهملة والفاء ، من العطف بمعنى الميل والشفقة ، ولعله أظهر لفظاً ومعنى.
(٣) الوسم : أثر الكي ، يقال : وسمته ـ كوعدته ـ وسماً.
(٤) الورود : حضور الماء للشرب ، والايراد : الاحضار. والاحضار. والشرب بالكسر : الحظُّ من الماء ، وهما كنايتان عن أخذ ما ليس لهم بحق من الخلافة والإمامة وميراث النبوة. وفي الكشف : « وأوردتموها شرباً ليس لكم ».
(٥) الكلم : الجرح ، والرحب بالضم : السعة.
(٦) الجرح بالضم ، الاسم ، وبالفتح المصدر. و « لما يندمل » أي لم يصلح بعد.
(٧) قبرته : دفنته.
(٨) « ابتداراً » مفعول له للأفعال السابقة ، ويحتمل المصدر بتقدير الفعل. وفي بعض الروايات : « بداراً زعمتم خوف الفتنة » أي ادعيتم وأظهرتم لناس كذباً وخديعة أنا انما اجتمعنا في السقيفة دفعاً لفتنة ، مع أن الغرض كان غصب الخلافة عن أهلها وهو عين الفتنة. والالتفات في « سقطوا » لموافقة الآية الكريمة.
(٩) التوبة : ٤٩.
(١٠) « هيهات » للتبعيد ، وفيه معنى التعجب كما صرح به الشيخ الرضي ، وكذلك « كيف » و « أني » تستعملان في التعجب. وأفكه ـ كضربه ـ : صرفه عن الشيء وقلبه ، أي إلى أين يصرفكم الشيطان وأنفسكم والحال أن كتاب الله بينكم ! وفلان بين أظهر قوم وبين ظهرانيهم أي مقيم بينهم محفوف من جانبيه أو من جوانبه بهم.
(١١) الزاهر : المتلألئ المشرق. وفي الكشف : « بين أظهركم ، قائمة فرائضه ، واضحة دلائله ، نيرة شرائعه ».
(١٢) « بدلاً » أي من الكتاب ما اختاروه من الحكم الباطل.
(١٣) الكهف : ٥٠.