الخَاسِرِينَ ) (١). ثم لم تلبثوا إلا ريْثَ أن تسكن نفرتُها ، ويسلس قيادُها (٢) ثم أخذتم تورون وَقْدَتها (٣) ، وتُهيِّجون جمرتها (٤) ، وتستجيبون لهتاف الشيطان الغوي (٥) ، وإطفاء أنوار الدين الجلي ، وإهماد سُنن النبي الصفي (٦) ، تُسِرُّون حَسْواً في ارْتِغاء (٧) ، وتمشون لأهله ووله في الخمر والضراء (٨) ، ونصبر منكم على مثل حزِّ المُدى (٩) ، ووخز السِّنان في الحشا (١٠) ، وأنتم تزعمون ألاّ إرث لنا ، ( أَفَحُكْمَ
__________________
(١) آل عمران : ٨٥.
(٢) ريث ـ بالفتح ـ بمعنى قدر ، وهي كلمة يستعملها أهل الحجاز كثيراً ، وقد يستعمل مع ما ، يقال : لم يلبث إلا ريثما فعل كذا ، وفي الكشف هكذا : « ثم لو تبرحوا ريثاً » وقال بعضهم : هذا ولم تريثوا حتها إلا ريث. وفي رواية ابن أبي طاهر : « ثم لم تريثوا اُختها » وعلى التقديرين ضمير المؤنث راجع إلى فتنة وفاة الرسول صلىاللهعليهوآله . وحتَّ الورق من الغصن : نثرها ، أي لم تصبروا إلى ذهاب أثر تلك المصيبة. ونفرة الدابة ، بالفتح : ذهابها وعدم انقيادها.
والسلس ، بكسر اللام : السهل اللَّين المنقاد ، ذكره الفيروزآبادي ، وفي مصباح اللغة : سلسل سلساً من باب تعب : سهل ولان. والقياد بالكسر : ما يقاد به الدابة من خبل وغيره.
(٣) في الصحاح : « وَرَى الزّندُ يري ورياً : إذا خرجت ناره. وفي لغة اُخرى : « وَرِي الزند يَري ، بالكسر فيهما ، وأوريته أنا وكذلك وريته توريةً. وفلان يستورى زِناد الضلالة ». ووقده النار بالفتح : وقودها ، ووقدها : لهبها.
(٤) الجمرة : المتوقد من الحطب ، فاذا برد فهو فحم. والجمر بدون التاء جمعها.
(٥) الهتاف ، بالكسر : الصياح ، وهتف به أي دعاه.
(٦) إهماد النار: إطفاؤها بالكلية. والحاصل أنكم انما صبرتم حتى استقرت الخلافة المغصوبة عليكم ، ثم شرعتم في تهييج الشرور والفتن واتباع الشيطان وإبداع البدع وتغيير السنن.
(٧) الإسرار : ضد الإعلان. والحسو بفتح الحاء وسكون السين المهملتين : شرب المرق وغيره شيئاً بعد شيء : والارتغاء : شرب الرغوة وهو زبد اللبن ، قال الجواهري : « الرغوة مثلثة : زبد البن. وارتغيت : شربت الرغوة. وفي المثل : « يسر حسواً في ارتغاء » يضرب لمن يظهر أمراً ويريد غيره. قال الشعبي لمن سأله عن رجل قبل أُم امرأته [ قال ] : يسر حسواً في ارتغاء ، وقد حرمت عليه امرأته ». وقال الميداني : قال أبو زيد والأصمعي : أصله الرجل يؤتى باللبن فيظهر أنه يريد الرغوة خاصة ولا يريد غيرها فيشربها وهو في ذلك ينال من اللبن ؛ يضرب لمن يريك أنه يعينك وإنما يجر النفع إلى نفسه.
(٨) الخمر ، بالتحريك ما واراك من شجر وغيره ، يقال : توارى الصيد عني في خمر الوادي ؛ ومنه قولهم : دخل فلان في خمار الناس ـ بالضم ـ أي ما يواريه ويستره منهم. والضراء ، الضاد المعجمة المفتوحة والراء المخففة : الشجر الملتفت في الوادي ؛ ويقال لمن ختل صاحبه وخاده : يدب له الضراء ويمشي له الخمر. وقال الميداني : قال ابن الأعرابي : الضراء ما انخفض من الأرض.
(٩) الحزّ، بفتح الحاء المهملة:القطع أو قطع الشيء من غير إبانة. والمدى بالضم:جمع مدية وهي السكّين والشفرة.
(١٠) الوخز : الطعن بالرمح ونحوه لا يكون نافذاً ؛ يقال : وخزه بالخنجر.