الجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) (١) أفلا تعلمون ؟ بلى تجلّى لكم كالشمس الضاحية (٢) أنِّي ابنته.
أيها المسلمون أاُغلبُ على إرثيَهْ (٣) يا ابن أبي قحافة أفي كتاب الله أن ترث أباك ، ولا أرث أبي ؟ ( لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (٤) ) (٥) ، أفعلى عمْدٍ تركتم كتاب الله ، ونبذتمونه وراء ظهوركم ، إذ يقول : ( وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ) (٦) , وقال فيما اقتصَّ من خبر يحيى بن زكريا عليهاالسلام إذ قال ربِّ ( هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ) (٧) وقال : ( وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ ) (٨) وقال : ( يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ ) (٩) وقال : ( إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى المُتَّقِينَ ) (١٠) ، وزعمتم ألاّ حظوةَ لي (١١) ، ولا إرث من أبي لا رحم بيننا !
__________________
(١) المائدة : ٥٠. وفيها « يبغون ».
(٢) أي الظاهرة البيّنة ، يقال : فعلت ذلك الأمر ضاحية أي علانية.
(٣) في رواية ابن أبي طاهر : « وبها معشر المهاجرة اُبتَزُ إرث أبيه » قال الجوهري : « إذا أغريته بالشيء قلت : ويها يا فلان ، وهو تحريض » انتهى. ولعل الأنسب هنا التعجب. والهاء في « أبيه » في الموضعين « وإرثيه » ـ بكسر الهمزة بمعنى الميراث ـ للسكت ، كما في سورة الحاقة ، « كتابيه وحسابيه وماليه وسلطانية » تثبت في الوقف وتسقط في الوصل. وقرئ بإثباتها في الوصل أيضاً. وفي الكشف : « ثم أنتم أولاء تزعمون أن لا إرث ليه » فهو أيضاً كذلك.
(٤) أي أمراً عظيماً بديعاً ، وقيل : أي أمراً منكراً قبيحاً. وهو مأخوذ من الافتراء بمعنى الكذب. واعلم أنه قد وردت الروايات المتظافرة ـ كما ستعرف ـ في أنها عليهاالسلام ادَّعت أن فدكاً كانت نحلة لها من رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فلعل عدم تعرضها ـ صلوات الله عليها ـ في هذه الخطبة لتلك الدعوى ليأسها عن قبولها إياها ، إذ كانت الخطبة بعد ما ردّ أبو بكر شهادة أمير المؤمنين عليهالسلام ومن شهد معه ، وقد كان المنافقون الحاضرون معتقدين لصدقه ، فتمسكت بحديث الميراث لكونه من ضروريات الدين.
(٥) اقتباس من سورة مريم : ٢٧.
(٦) النمل : ١٦.
(٧) مريم : ٦.
(٨) الأنفال : ٧٥.
(٩) النساء : ١١.
(١٠) البقرة : ١٨٠.
(١١) بكسر الحاء وضمّها وسكون الظاء المعجمة : المكانة والمنزلة ، يقال : حظيت المرأة عند زوجها : إذا دنت من قبله.