مَا تَصِفُونَ ) (١).
فقال أبو بكر صدق الله ورسوله ، وصدقتِ ابنتُهُ ؛ أنتِ معدِنُ الحكمة ، وموطن الهدى والرحمة ، وركن الدين وعين الحجَّة ، لا اُبْعِدُ صوابِك ، ولا اُنكر خطابكِ (٢) هؤلاء المسلمون بيني وبينكِ ، قلَّدوني ما تقلَّدْتُ ، وباتّفاق منهم أخذت ما أخذت (٣) غير مُكابر ولا مستبد ولا مُستأثر (٤) ، وهم بذلك شهود.
فالتفتتْ فاطمة عليهاالسلام وقالت : معاشر الناس المسرعة إلى قيل الباطل (٥) ، المُغضِيَةِ (٦) على الفعل القبيح الخاسر « أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (٧) » (٨) كلا بل ران على قلوبكم (٩) ما أسأتم من أعمالكم ، فأخذ بسمعكم وأبصاركم ، ولبئسَ ما تأوَّلتم (١٠) ، وساء ما به أشرتم (١١) ، وشرَّ ما عنه اعتضتم (١٢) ، لتجدنَّ ـ والله ـ مَحْمِلَهُ ثقيلاً (١٣) ، وغِبَّهُ وبيلاً (١٤) إذا كُشِفَ لكم الغطاء ، وبان ما وراءه
__________________
(١) يوسف : آية ١٨.
(٢) من المصدر المضاف إلى الفاعل.
(٣) مراده بما تقلدوا ما اخذ فدك او الخلافة ، اي اخذت الخلافة بقول المسلمين واتفاقهم فلزمني القيام بحدودها التي من جملتها اخذ فدك ، للحديث المذكور.
(٤) المكابرة : المغالبة والاستبداد والاستيثار : الانفراد بالشيء.
(٥) القيل بمعنى القول ، وكذا القال ، وقيل : القول في الخير ، والقيل والقال في الشر ، وقيل : القول مصدر ، والقيل والقال اسمان له.
(٦) الاغضاء : ادناء الجفون ، واغضى على الشيء ، أي سكت ورضى به.
(٧) روي عن الصادق والكاظم عليهماالسلام في الآية : ان المعنى : أفلا يتدبرون القرآن فيقضوا بما عليهم من الحق ؟ وتنكير القلوب لارادة قلوب هؤلاء ومن كان مثلهم من غيرهم.
(٨) محمد : آية ٢٤.
(٩) الرين : الطبع والتغطية ، واصله الغلبة.
(١٠) التأول والتأويل : التصيير والارجاع ونقل الشيء عن موضعة ، ومنه تأويل الالفاظ أي نقل اللفظ عن الظاهر.
(١١) الاشارة : الأمر بأحسن الوجوده في أمر.
(١٢) شرَّ ـ كفرَّ ـ بمعنى ساء ـ والاعتياض : أخذ العوض والرضاء به ، والمغنى : ساء ما اخذتم منه عوضا عما تركتم.
(١٣) المحمل ـ كمجلس ـ مصدر.
(١٤) الغب ، بالكسر : العاقبة ، والوبال ، في الاصل : الثقل والمكروه ، ويراد به في عرف الشرع عذاب الاخرة ، والعذاب الوبيل : الشديد.