آخر؛ وإما من قبل اختلاف أحوال السبب الفاعل القريب؛ وإما بسبب اختلاف الفاعل الأقصى مثل إختلاف فعل الشمس لمكان ما يجتمع معها من الكواكب ويفترق؛ وإما بسبب اختلاف الفاعل الأقرب مثل مخالفة طبيعة الأب لطبيعة الشمس في وقت التوليد ومخالفة الشهوة في استعمال الأغذية للمزاج. ويعم هذه كلها افتراق الأسباب وقلة موافقة بعضها لبعض. هذا اللفظ يوجد في بعض النسخ عوض الامتزاج. وينبغي أن تعلم أنه إذا وضعنا هذا الرأى الذي قاله أرسطو من أن زمان النشء مساو لزمان الهرم ، ووضعنا أيضا ما يقوله الأطباء من أن سن الشباب للإنسان إلى خمس وثلاثين سنة ، فالعمر الطبيعي له هو سبعون سنة فما فوقه يسير أو دونه يسير. ولذلك قال صاحب الشرع أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين.
٣٧ ـ قال :
وما قلناه من أن التكون والفساد متصلان ابدا لا يخلان ليس هو واجبا من قبل السبب المادي والفاعل كما تبين قبل ، بل ونبين أنه واجب أيضا من قبل السبب الغائي. وذلك أنه لما كنا نرى أن الطبيعة أبدا إنما تتحرك وتشتاق الأمر الأفضل بحسب ما يمكنها في موجود موجود ، وأقصى ما في طباعه أن يقبله ذلك الموجود ، وكان الوجود أفضل من العدم ، وكان قد تبين في مواضع أخر على كم وجه يقال الموجود وأن منه ضروري وغير ضروري وأن الضروري أفضل من غير الضروري ، والضروري بالشخص أفضل من غير الضروري بالشخص وهو الضروري بالنوع ، وكان ليس يمكن وجود الموجود الأفضل بإطلاق في هذه الأشياء التي قربت منا لكونها من المبادي الأول في غاية البعد ، فإن الإله ذا الجود والفضل تمم النقص الذي