كان ضرورة متناهيا أو غير دائم ، ومتى فرضناه غير متناه من الطرفين لم يكن له مبدأ. وذلك أن الأشياء التي لا نهاية لها ليس لها أول ولا أخير. ولذلك يجب ضرورة إذا وضعنا أنه أزلي وأنه ذو مبدأ أن يكون يجري دورا. وأن يكون الأمر في الأشياء المتكونة على طريق الدور متى وجد الأول وجد الأخير ومتى وجد الأخير وجد الأول لأنه لا فرق بين أن يكون هذا التلازم بين اثنين أو أكثر من ذلك فالضروري الدائم إنما هو في الحركة دورا والتكوين دورا. فإن كل شيء من الأشياء التي تجري دورا فالمتقدم منها والمتأخر وما قد كان وما) يكون واجب ضرورة. وعكس هذا أيضا صادق وهو أن ما كان المتقدم منها والمتأخر ضروري الوجود فهو يتحرك دورا. (١) وينبغي أن تعلم أن هذا القول يجري مجرى التتميم لما تبين في أول الثامنة من السماع في أن الحركة شافعة ومتشافعة / لا تخل في وقت من الأوقات وإن هذا إذا أضيف إلى ما سلف ظهر منه وجود حركة أزلية ضرورة.
٤٢ ـ قال :
ولما كان قد تبين في غير هذا الموضع وبغير هذا الوجه أن الحركة الدائرة الأزلية هي حركة السماء ، فمن البين أن هذه الحركات التي للامور الكائنة الفاسدة على هذه الجهة هي من قبلها وعنها. وذلك أنه إذا كان المحرك دورا يحرك دائما ، فواجب أن تكون حركة الأشياء المتغيرة يجري دورا. ومثال ذلك أنه لما كانت الحركة العلوية الأولى موجودة دورا ، كانت الشمس تتحرك دورا ، ولما كانت هذه
__________________
١ ـ انتهى الساقط من مخطوط مودينا.