مقدمة الناشر
بسم الله الرحمن الرحيم
لا شك ان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام شخصية فذة نادرة ، وحياته مليئة بما يعجب الانسان ويستوقفه ، ومن غريب خصائصه اعتراف أعدائه بفضله مع اصرارهم على استمرار العداء له. وقد قيل في حقه : ان محبيه اخفوا فضائله خوفا ومبغضيه أخفوها بغضا ، ومع ذلك فقد ملات الخافقين.
وليس السبب الوحيد فيه بعض النوافذ التي افتتحت في طول تاريخ السلطنة الغاشمة ، بل ان السبب الاهم هو علو شان الامام ، وكمال عظمته ورفعته في سماء المجد والكرامة ، وتنمره في ذات الله ، والتفاته حول الحق ، والتفاف الحق حوله يدور حيثما دار ـ كما قال الرسول الاكرم صلى الله عليه واله ـ والحق يعلو ولا يعلى عليه ، وللحق دولة وللباطل جولة ، فالشمس لا تبقى مغيبة تحت الغيوم وان كانت كثيفة سوداء ، فلا بد لليل أن ينجلي ، ولا بد للحق ان يبدو للتاريخ رغم كل المحاولات البغيضة الحاقدة ، والامام نور الله في الارض ، ويابى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون.
وهذا هو الامر الذي اضطر مناوئيه ومنافسيه أن يعترفوا بفضله القاهر ، ومقامه المنيع.
فالانسان مهما كان مستسلما لا هوائه ، غامرا في طغيانه ووقوفه بوجه الحق الناصع ، فان له مواقف يضطر فيها الى العودة إلى فطرته ، والرجوع إلى رشده ، والخضوع أمام الحق ، وهذا هو الذي اضطر بعض المشركين المتعصبين الغالين في عدائهم للرسول صلى الله عليه واله وللكتاب العزيز الذي أذل كبرياءهم ، وأرغم انوفهم الى الاعتراف بان اعلاه لمغدق وأسفله لمورق ، وانه يعلو ولا يعلى عليه ، وهذا هو شان كل حق يحاول الانسان الطاغي أمام ربه وآيات ربه أن ينكره ويستكبره بوجهه.
والكتاب الذي بين يديك محاولة لاستخراج اعترافات المناوئين والمنافسين