ولكن عمر بن الخطاب وتقوله بكلمته الخالدة : إن الرجل ليهجر (١) ، أو قوله : إن نبيكم يهجر (٢) ، أو : غلبه الوجع (٣) ، خالف النص القرآني الذي يصف رسول الله بانه (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) (٤).
والمقولة العمرية هذه أوجدت الاختلاف والانشقاق بين صفوف المسلمين وخاصة الحاضرين عند النبي صلى الله عليه واله فمنهم من كان مؤيدا لقول عمر ونعته النبي صلى الله عليه واله بالهذيان والهجران ، ويمنع من إتيان وإحضار الكتف والدواة إلى النبي صلى الله عليه واله ، ومنهم من كان يصر على تحضير ما أراده النبي صلى الله عليه واله من الكتف والدواة.
وعندئذ علم النبي صلى الله عليه واله أنه لو أصر على تحضير الكتف وكتب ما كان يريد أن يكتبه ، لما تورع عمر وأتباعه من التأكيد والاصرار على كون النبي يهذي ويهجر ، لان قولهم هذا في حياته صلى الله عليه واله وفي مجلسه هو بداية تلصيق الافتراءات عليه. وانها فرية تتلوها تهم وافتراءات اخرى ، ولذلك رأى ان من الصلاح أن يدع كتابة ذلك ولكنه زجرهم وأمرهم بالخروج من الدار وقال لهم : قوموا عني (٥).
٢٩ ـ عمر يعترف : علي عليه السلام حلال المشكلات والمعضلات
روى العديد من الحفاظ والفقهاء والمتكلمين والادباء من العامة في كتبهم وجوامعهم التي يعتمدون عليها : أن الخلفاء الثلاثة : أبا بكر وعمر وعثمان كانوا يراجعون أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ليحل لهم المعضلات والشدائد التي
__________________
(١ ـ ٣) صحيح البخاري ١ : ٣٨ ـ ٣٩ كتاب العلم باب كتابة العلم ، و ٦ : ١١ كتاب المغازي باب مرض النبي ، و ٧ : ١٥٥ كتاب المرض باب قول المريض : قوموا عني ، و ٩ : ١٣٧ كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة باب كراهية الخلاف ، صحيح مسلم ٣ : ١٢٥٧ كتاب الوصية باب ترك الوصية ح ٢٠.
(٤) النجم : ٣ ـ ٤.
(٥) تقدمت تخريجاته.