ذلك إشفاقا وحيطة على الاسلام ـ وذلك بقوله : إن الرجل ليهجر ـ لا ورب هذه البنية ـ أي خلافة علي ـ لا تجتمع عليه قريش أبدا ، ولو وليها ـ علي ـ لانتقضت عليه العرب من أقطارها.
فعلم رسول الله أني علمت ما في نفسه فامسك ، وأبي الله إلا إمضاء ما حتم (١).
وأضاف ابن أبي الحديد : ذكر هذا الخبر أحمد بن أبي طاهر طيفور الخراساني ـ ٢٨٠ ه ـ في كتابه تاريخ بغداد مسندا (٢).
وقال ابن أبي الحديد في موضع آخر : وقد روي معنى هذا الخبر بغير هذا اللفظ ـ وهو قول عمر ـ : إن رسول الله صلى الله عليه واله أراد أن يذكره للامر ـ الخلافة ـ في مرضه فصددته عنه خوفا من الفتنة وانتشار أمر الاسلام ، فعلم رسول الله صلى الله عليه واله ما في نفسي وأمسك ، وأبي الله إلا إمضاء ما حتم (٣).
أقول : مع غض النظر عن الدلائل والبراهين الحديثية والتاريخية التي فيها الدلالة الواضحة على أن النبي صلى الله عليه واله نصب عليا عليه السلام علما للخلافة والامامة من بعده كما مر علينا نماذج منها في موضوع حديث غدير خم ، فاننا لو تمسكنا فقط بما اعترف به عمر بن الخطاب هنا لكفى في إثبات خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وان النبي صلى الله عليه واله أراد التصريح باسمه ، وهذا إن دل على شئ فانه يدل على أن النبي صلى الله عليه واله كان على علم بافضلية أمير المؤمنين علي عليه السلام وأولويته لمقام الخلافة.
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ١٢ : ٢٠ ـ ٢١.
(٢) أحمد بن أبي طاهر هو من أعاظم العلماء وكبار أعلام التاريخ ، وله ٥٠ مصنفا ، أهمها : تاريخ بغداد. راجع : الاعلام للزركلي ١ : ١٤١ ، شرح نهج البلاغة ١٢ : ٧٩.
(٣) شرح نهج البلاغة ١٢ : ٧٩.