والتاريخية واجتماع الحجاج وابلاغهم أمر الخلافة واخذ البيعة منهم رجالا ونساءا ـ دالة على أهمية مسالة الامامة والخلافة المتصلة بالنبوة المحمدية وأهميتها في مصير الامة الاسلامية ، وقلنا إنها موضوع عادي مثل اكثر المسائل التي تفقد الاهمية الدينية ، فكيف تفسر تهنئة الشيخين أبي بكر وعمر عليا عليه السلام بتلك العبارات مثل قولهما له : بخ بخ لك يا علي ، أو : طوبى لك يا أبا الحسن ، أو : هنيئا لك يا بن أبي طالب؟
هذا هو السؤال المطروح الذي يحتاج الى جواب صريح من دون اللف والنشر والتزوير والتهرب والتخرص بان المسالة ليست ذات أهمية.
ومما يؤيد ويرجح الغاية السامية في تشكيل ذلك الاجتماع الكبير في غدير خم هي بيان خلافة الامام علي عليه السلام وإبلاغها الى الناس فقط لا شئ سواه ، ما ذكره الحافظ ابن حجر العسقلاني عن ابن الجوزي فقال : انه حضر مجلسه بالكوفة فقال : لما قال النبي صلى الله عليه واله : من كنت مولاه فعلي مولاه تغير وجه أبي بكر وعمر فنزلت (فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا) (١). (٢)
وذكر العلامة المناوي في فيض القدير في شرح الحديث «من كنت مولاه فعلي مولاه» كلاما لابن حجر في تغيير وجهي أبي بكر وعمر ثم تطرق الى سرد مصادر وإسناد حديث الغدير فقال : ذكره الحافظ في اللسان بنصه ولم أذكره إلا للتعجب من هذا الضلال واستغفر الله. ثم قال : خرجه الدار قطني عن سعد بن أبي وقاص عنهما قالا : «امسيت يا بن أبي طالب مولى كل مؤمن ومؤمنة» (٣).
وعندئذ يختلج السؤال في الذهن : انه لو كانت الغاية من قول النبي صلى الله عليه واله : من
__________________
(١) الملك : ٢٧.
(٢) لسان الميزان ١ : ٣٨٧ ترجمة اسفنديار بن موفق رقم ١٢١٥.
(٣) فيض القدير ٦ : ٢١٧ ـ ٢١٨ شرح حديث ٩٠٠٠.