وتدبيرهم معه وهذا مما لا يجوز أن يظنه ذو فهم في رسول ولا نبي ولا حجة لله على عباده ، وقد جهل قوم من اهل الغفلة في تأويل قول الله عز وجل (وشاورهم في الامر) فظنوا ان ذلك لحاجة بالرسول الى مشاورتهم ، كلا ما يظن هذا الا جاهل عند اهل المعرفة والبصيرة بل لعله نقصان كان فيهم امر رسول الله ص ان يشاورهم ليتألقهم بذلك كما جعل للمؤلفة قلوبهم نصيبا من الصدقات لعلم الله سبحانه بما في ذلك من اصلاح التدبير الذي يجهله المخلوقون ، وفي ابتداء الاية ما يدل ذا فهم على ان ذلك كذلك من التأليف ، ألا تسمع قول الله تعالى حيث يقول فما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فطا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الامر فإذا عزمت فتوكل على الله ان الله يحب المتوكلين. وقوله انهم كانوا ينفضون من حوله لو كان فظا عليهم دليل على نفضانهم وقوله (فاعف عنهم واستغفر لهم) دليل على انهم فعلوا مالا يرضى الله ولا رسوله منهم فأمره بذلك عند تألفهم ، ومن كان بهذه الصفة بطل ان يكون مدبرا للرسول ص ومشيرا عليه بما يعمل به ، فكيف يكون ذلك منهم والله مخبر عن اهل بدر وهم اجل الصحابة وأرفعهم درجة وهي اجل موطن غزاها المسلمون (كما اخرجك ربك من بيتك بالحق وان فريقا من المؤمنين لكارهون يجادلونك بالحق بعد ما تبين كأنما يساقون الى الموت وهم ينظرون إذ يعدكم الله احدى الطائفتين انها لكم وتودون ان غير ذات الشوكة تكون لكم ويريد الله ان يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين ، ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون) افترقوا الى هذه الاحوال التي وصفها الله من أهل بدر كيف كانت كلها مضادة لمراد الله جل ذكره في تدبيره فمحال عند ذوي الفهم ان يكون الرسول يستشير مثل هؤلاء ومن هو دونهم من الصحابة في العلم والمعرفة في تدبير يعمل عليه ، فلما بطل ذلك ثبت أن أمره بمشاورتهم ليتألفهم بها لتطيب بها أنفسهم وليسكنوا إليه ويثبتوا معه