وعنده ويستبصروا في الدين على الامام في وقت بعد وقت ، وثبت عند ذلك ان معونة الرسول (ص) ووزارته لا تكون الا من هذين الوجهين التأدية والمجاهدة وما منهما من كان له في هذين الوجهين أثر محمود معروف مشهور مذكور كمقام غيرهما فيهما (اما وجه التأدية) ففي خبر سورة براءة وما قد أجمع عليه أهل الاثر من العامة والخاصة ما فيه كفاية لاولي الالباب وذوي الافهام حين بعثه الرسول (ص) بسورة براءة الى مكة ليقرأها عليهم فلما فصل من حضرته بعث خلفه بعلي عليه السلام فاسترجعها منه وتقدم بها الى مكة اورده الرسول (ص) فقال هل نزل في شئ اتسوجب ردي من الوجه الي انقذتني فيه فقال ان الله اوحى الي انه لا يبلغ عني الا انا ورجل مني وان عليا مني وانا منه ، فهذه المنزلة من الوزارة في التأدية ليس لاحد من الصحابة الا لعلي عليه السلام دون غيره فكان علي عليه السلام هو احق بوزارة رسول الله (ص) ومعونته في التأدية دون جميع الناس وشاهد ذلك قول رسول الله (ص) منزلة علي مني كمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي ، وقد اخبر الله سبحانه وتعالى انه جعل هارون وزيرا لموسى بقوله تعالى (وجعلنا معه اخاه هارون وزيرا) فبطل ان يكون أبو بكر وعمر وزيريه في وجه التأدية (وأما وجه المجاهدة) في حروب المشركين فليس يختلف اهل الاثر في ان ابا بكر وعمر قد انهزما في مواطن كثيرة من مواطن الحروب والجهاد مثل هزيمتهما يوم احد ، ومثل هزيمتهما يوم خيبر حين دفع رسول الله (ص) الراية الى ابي بكر وأمره بالمسير الى حصن خيبر فرجع منها منهزما ثم دفعها الى عمر فرجع بها منهزما كذلك فغضب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فقال ما بال اقوام ادفع إليهم رايتي فيرجعون بها منهزمين يجبنون اصحابهم واصحابهم يجبنونهم أما والله لاعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرارا غير فرار لا يرجع حتى يفتح الله على يديه ، فقال اهل النظر في ذلك