رأيت جاءتنا بقر ليلا غير تلك الليلة ولقد كنت أضمر لها الخيل إذا أردت أخذها شهرا أو أكثر ثم أركب بالرجال وبالآلة.
قال : فنزل ، فأمر (١) بفرسه فأسرج وأمر بخيل فأسرجت وركبت معه نفر من أهل بيته معه أخوه حسان ومملوكان له فخرجوا من حصنهم بمطاردهم ، فلما فصلوا من الحصن وخيل خالد تنتظرهم لا يصهل منها فرس ولا يتحرك فساعة فصل أخذته الخيل ، فاستأسر أكيدر وامتنع حسان فقاتل حتى قتل وهرب المملوكان ومن كان معه من أهل بيته فدخلوا الحصن ، وكان على حسان قباء ديباج مخوّص بالذهب واستلبه خالد فبعث به إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم مع عمرو (٢) بن أمية الضمري حين قدم عليهم فأخبرهم بأخذهم أكيدر.
قال أنس بن مالك وجابر بن عبد الله : رأينا قباء حسان أخي أكيدر حين قدم به إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فجعل المسلمون يلمسونه بأيديهم ويتعجبون منه ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يعجبون من هذا ، والذي نفسي بيده لمناديل سعد بن معاذ في الجنّة أحسن من هذا» وقد كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال لخالد بن الوليد : «إن ظفرت بأكيدر فلا تقتله ، وائت به إليّ وإن أبى فاقتلوه» فطاوعهم. فقال بجير بن بجرة من طيء ذكر قول النبي صلىاللهعليهوسلم لخالد : «إنك تجده يصيد البقر» وما صنع البقر تلك الليلة بباب الحصن تصديق قول رسول الله صلىاللهعليهوسلم :
تبارك الله سائق البقرات |
|
إني رأيت الله يهدي كل هاد |
فمن يك عائدا عن ذي تبوك |
|
فإنا قد أمرنا بالجهاد |
وقال خالد بن الوليد لأكيدر : هل لك أن أجيرك من القتل حتى آتي بك رسول الله صلىاللهعليهوسلم على أن تفتح لي دومة؟ قال : نعم ذلك لك فلما صالح خالد أكيدر ، وأكيدر في وثاق وانطلق به خالد حتى أدناه من باب الحصن نادى أكيدر أهله افتحوا باب الحصن ، فأرادوا ذلك فأبى عليهم مصاد أخو أكيدر (٣) فقال أكيدر (٤) لخالد : يعلم والله ، والله لا يفتحون لي ما رأوني في وثاقك ، فخلّ عني ، فلك الله والأمانة أن أفتح لك الحصن إن كنت صالحتني على أهله ، قال خالد : فإني أصالحك ، فقال أكيدر : إن شئت حكّمتك وإن شئت حكّمتني ، قال خالد : بل نقبل منك ما أعطيت ، فصالحه على ألفي بعير وثمان مائة رأس
__________________
(١) بالأصل : قال : فتولى يأمر ، والمثبت عن الواقدي.
(٢) عن الواقدي بالأصل «عمر».
(٣) بالأصل في الموضعين : أكيد.
(٤) بالأصل في الموضعين : أكيد.