بثوبه ولبس ثوبين أسودين وانطلق ، فو الله ما جاءني حتى ذهب هدأة من الليل فجاء فانجدل على فراشه ، فما نام حتى أصبح فقال : ألا ترحل بنا؟ فقلت : وهل فيك من رحيل؟ قال : نعم ، فارتحلنا. قال : ألا تجاوز بنا الركاب؟ قلت : بلى ، فجاوزنا الركاب ، فقال لي : يا صخر. قلت : قل يا أبا عثمان. قال : أي أهل مكة أشرف؟ قلت : عتبة بن ربيعة ، قال : أي أهل مكة أكثر مالا وأكبرهم سنا؟ قلت : عتبة بن ربيعة. قال : إن الشرف والمال أزرى به؟ قلت : لا والله ، ولكن زاده شرفا ، قال : تكتم (١) عليّ ما أحدّثك به؟ [قلت : نعم](٢) قال : حدّثني هذا الرجل الذي انتهى إليه علم الكتاب أن نبيّا مبعوثا (٣) ، فظننت أني أنا هو ، فقال : ليس منكم هو من أهل مكة ، قلت : ما نسبه قال : هو وسط من قومه ، فالذي رأيت من الهمّ ما صرف عني. قال : وقال لي : آية ذلك أن الشام قد رجفت بعد عيسى بن مريم ثمانين رجفة ، وبقيت رجفة يدخل (٤) على الشام [منها شر ومصيبة. فلما صرنا قريبا من ثنية إذا راكب قلنا : من أين؟ قال : من الشام](٥) ، قال : هل كان من حدث؟ قال : نعم رجف رجفة دخل على [أهل](٦) الشام شرّ ومصيبة. وهذا أيضا مختصر.
أخبرنا بتمامه أبو علي الحداد في كتابه ، أنا أبو نعيم الحافظ ، حدّثنا سليمان بن أحمد ، حدّثنا علي بن عبد العزيز حدّثنا عبد الله بن شبيب الرّبعي ، حدّثنا محمد بن سلمة بن هشام المخزومي ، حدّثنا إسماعيل بن الطريح بن إسماعيل الثقفي ، حدّثني أبي عن أبيه ، عن مروان بن الحكم ، عن معاوية بن أبي سفيان ، عن أبيه ، قال : خرجت وأمية بن أبي الصلت الثقفي تجارا إلى الشام ، فكلما نزلت منزلا أخذ أميّة سفرا له يقرءوها علينا. فكنا كذلك حتى نزلنا قرية من قرى النصارى فجاءوه وأهدوا له وأكرموه ، وذهب معهم إلى بيوتهم ، ثم رجع في وسط النهار فطرح ثوبيه ، وأخذ ثوبين له أسودين فلبسهما ، وقال لي : يا أبا سفيان ، هل لك في عالم من علماء النصارى إليه يتناهى علم الكتاب نسأله؟ قلت : لا أرب لي فيه ، والله لئن حدّثني بما أحب لا أثق به ، ولئن (٧) حدّثني بما أكره
__________________
(١) عن البيهقي وبالأصل «تكلم».
(٢) ما بين معكوفتين زيادة عن البيهقي.
(٣) بالأصل «مبعوث».
(٤) عن البيهقي وبالأصل : فدخل.
(٥) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن دلائل البيهقي ٢ / ١١٧.
(٦) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن دلائل البيهقي ٢ / ١١٧.
(٧) عن مختصر ابن منظور ٥ / ٤٣ واللفظة غير واضحة بالأصل وفي م : لين.