لأوجلن منه قال : فذهب وخالفه شيخ من النصارى فدخل عليّ فقال : ما يمنعك أن تذهب إلى هذا الشيخ؟ قلت : لست على دينه ، قال : وإن ، فإنك تسمع منه عجبا وتراه ، ثم قال لي : أثقفي أنت؟ قلت : لا ولكني قرشي ، قال : فما يمنعك من الشيخ فو الله إنه ليحبكم ويوصي بكم قال : فخرج من عندنا ومكث أمية حتى جاءنا بعد هدأة من الليل ، فطرح ثوبيه ثم انجدل على فراشه ، فو الله ما نام ولا قام حتى أصبح كئيبا حزينا ساقطا غبوقه على صبوحه ، ما يكلمنا ولا نكلمه ثم قال : ألا ترحل؟ قلت : وهل بك من رحيل؟ قال : نعم قال : فرحلنا فسرنا بذلك ليلتين من هبة ، ثم قال في الليلة الثالثة : ألا تحدث يا أبا سفيان؟ قلت : وهل بك من حديث؟ قال : والله ما رأيت مثل الذي رجعت به من عند صاحبك قال أما إن ذلك لشيء لست فيه إنما ذلك شيء وجلت به من منقلبي قال : قلت وهل لك من منقلب؟ قال : أي والله لأموتن ثم لأحيين ، قال : قلت : هل أنت قابل أمانتي؟ قال : على ما ذا؟ قلت : على أنك لا تبعث ولا تحاسب؟ قال : فضحك ثم قال : بلى والله يا [أبا](١) سفيان لنبعثنّ ثم لنحاسبنّ وليدخلنّ فريق الجنة وفريق النار ، فقلت : ففي أيهما أنت أخبرك صاحبك؟ قال : لا علم لصاحبي بذلك فيّ ولا في نفسه. قال : فكنا في ذلك ليلتين ، يعجب مني وأضحك منه حتى قدمنا غوطة دمشق فبعنا متاعنا فأقمنا بها شهرين ، فارتحلنا حتى نزلنا قرية من قرى النصارى فلما رأوه جاءوه وأهدوا له ، وذهب معهم [إلى](٢) بيعتهم حتى جاء بعد ما انتصف النهار ، فلبس ثوبيه وذهب إليهم حتى بعد هدأة من الليل ، فطرح ثوبيه ورمى بنفسه على فراشه ، فو الله ما نام ولا قام وأصبح حزينا كئيبا لا يكلمنا ولا نكلمه ثم قال : ألا ترحل؟ قلت : بلى إن شئت ، فرحلنا كذلك من بثّه وحزنه ليالي ، ثم قال : يا أبا سفيان هل لك في المسير نتقدم أصحابنا؟ قلت : هل لك فيه؟ قال : فسر فسرنا حتى برزنا من أصحابنا ساعة ثم قال : هيا صخر! قلت : ما تشاء؟ قال : حدّثني عن عتبة بن ربيعة أيجتنب المظالم والمحارم؟ قلت : أي والله. قال : ويصل الرحم ويأمر بصلتها؟ قلت : أي والله. قال : وكريم الطرفين وسيط في العشيرة؟ قلت : نعم. قال : فهل تعلم قرشيا أشرف منه؟ قلت : لا والله ما أعلمه قال : أمحوج هو؟ قلت : لا بل هو ذو مال كثير قال : وكم أتى عليه من السن؟ قلت : قد زاد على المائة قال : فالشرف والسن والمال أزرين به؟ قلت : ولم ذاك يزري به؟ لا والله بل يزيده خيرا. قال : هو ذاك. هل لك في المبيت؟ قلت : هل بي
__________________
(١) زيادة لازمة.
(٢) زيادة لازمة.