قال أبو عثمان : ورأيت في بعض أجزائي مكتوبا (١) :
طيب الزمان لمن خفّت مئونته |
|
ولن يطيب لذي الأثقال والمؤن |
فاستحسنته ، وأضفت إليه من قبلي :
هذا يزجّي بيسر عمره طربا |
|
وذاك ينماث في غمّ وفي حزن |
فاجهد لتزهد في الدنيا وزينتها |
|
إن الحريص على الدنيا لفي محن (٢) |
قال وكنت قلت في غياب ولدي أبي نصر عبد الله الخطيب رحمة الله ورضوانه عليه :
غاب وذكراه لم يغب (٣) أبدا |
|
وكان مثل السّواد في الحدقة |
لو ردّه الله بعد غيبته |
|
جعلت مالي لشكره صدقة |
فلم يرد الله سبحانه وتعالى ردّه إليّ وقضى ، قبض روحه في بعض ثغور أذربيجان متوجّها إلى بيت الله الحرام ، وزيارة قبر نبيّه محمد المصطفى عليه أفضل الصّلاة والسّلام ، فصبرا لحكمه ، ورضا بقضائه ، وتسليما لأمره (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ)(٤) وإلى الله جلّ جلاله الرغبة في التّفضّل عليه بالمغفرة والرّضوان ، والجمع بيننا وبينه في رياض الجنان بمنّه وكرمه.
أنبأنا أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل بن عبد الغافر ، قال : ومن ذلك ـ يعني شعر أبي عثمان المذكور ـ قوله :
إذا لم أصب أموالكم ونوالكم |
|
ولم آمل المعروف منكم ولا البرّا |
وكنتم عبيدا للّذي أنا عبده |
|
فمن أجل ما ذا أتعب البدن الحرّا (٥) |
أخبرني أبو المظفر بن القشيري ، أنا أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي الحافظ ، قال : أخبرنا إمام المسلمين حقا وشيخ الإسلام صدقا أبو عثمان إسماعيل بن
__________________
(١) البيت في بغية الطلب ٤ / ١٦٧٤.
(٢) البيتان في بغية الطلب ٤ / ١٦٧٥.
(٣) في بغية الطلب ٤ / ١٦٧٥ : لم تغب.
(٤) سورة الأعراف ، الآية : ٥٤.
(٥) البيتان في بغية الطلب ٤ / ١٦٧٦.