عبد الرّحمن الصّابوني : بحكاية ذكرها.
حدّثني أبو بكر يحيى بن إبراهيم بن أحمد بن محمد السّلماسي الواعظ بدمشق ، أنا أبي أبو طاهر بن أبي بكر ، أنا أبو علي الحسن بن نصر بن كاكا المرندي الفقيه ، حدّثني أبو الحسين البغدادي ، قال (١) : كان الشيخ الإمام أبو الطّيّب ـ رضياللهعنه ـ إذا حضر محفلا من محامل التهنئة أو التعزية أو سائر ما لم يكن يعقد إلّا بحضوره فكان المفتتح به والمختتم ، الرئيس بإجماع المخالف والمؤالف ، المقدّم أمر بإلقاء مسألة وكانت المتفقّهة لا يسألون غيره في مجلس حضره ، فإذا تكلم عليها ووفّى حق الكلام فيها. وانتهى إلى آخرها أمر أبا عثمان فترقل الكرسي ، وتكلم الناس على طريق التفسير والحقائق ، ثم يدعو ويقوم أبو الطّيّب فيتفرق الناس. قال : وهو يومئذ في أوائل سنه.
قال ابن كاكا : وحدّثني أبو سعد يحيى بن الحسن الهروي الفقيه ـ نزيل نيسابور ـ عن الإمام أبي علي الحسن بن العباس قال : اتفق مشايخنا ـ من أئمة الفريقين وسائر من ينتهي إلى علم التفسير والتذكير ـ أن أبا عثمان كامل في آلاته ، مستحق للإمامة بصفاته ، لم يترقّل الكرسي في زمانه على ظرفه وبيانه وثقته وصدق لسانه.
قال ابن كاكا : وحدّثني أبو طالب الحرّاني ـ وكان قد أمضى في خدمة العلم طرفا صالحا من عمره بنيسابور ، وقرأ على أبي منصور البغدادي وأبي محمد الجويني ـ قال : توسّطت مجالس أعيان الوقت أيام السلطان أبي القاسم ـ رحمهالله ـ فصادفتهم مجمعين على أن أبا عثمان إذا نطق بالتفسير قرطس في غرض الإجادة والإصابة ، وإذا أخذ في التذكير والرقائق أجابته القلوب القاسية أحسن الإجابة ، وإنه في علم الحديث علم بل عالم وبسائر العلوم متحقّق عالم.
قال : وحدّثني الشيخ أبو منصور المقرئ الأسدآباذي (٢) ـ وقد جمع في أسفاره بين بلاد المشرق والمغرب ـ قال : كانوا يعدّون بخراسان ـ وأفنية العلم رحاب ، ويد العدل مجاب ، والعيش عذب مستطاب ، في علوم التفسير رجلين : أبا جعفر فاخرا بسجستان والصابوني بخراسان لا يثلّثهما فاضل ولا يدخل في حسابهما كامل.
__________________
(١) الخبر في بغية الطلب ٤ / ١٦٧٧ ـ ١٦٧٨.
(٢) هذه النسبة إلى أسدآباذ مدينة بينها وبين همذان مرحلة واحدة نحو العراق (معجم البلدان).