وهو على التوهم ؛ لما رأى فيه معنى الجمع ، ولفظه يشبه لفظ الجمع ظنه جمعا ، أمّا سراويل فأعجميّ في الأشهر ، وقد قيّدنا الآحاد بالعربية ؛ أو عربي مفرد شاذ ، أو جمع تقديرا ، كما يجيء ، وأما نحو : أكلب وأجمال ، فانهما ، وان لم يأت لهما نظير في الآحاد ، الا أن كونهما جمعي قلة ، وحكم جمع القلة حكم الآحاد ، بدليل تصغيره على لفظه : فتّ في عضد جمعيتهما مع أنه نسب إلى سيبويه : أن أفعالا مفرد ، ولذا ، قال تعالى : (مِمَّا فِي بُطُونِهِ)(١) ، والضمير للأنعام ، وجاز وصف المفرد به نحو : برمة أعشار ، وثوب أسمال ، ونطفة أمشاج ، ولم يوصف المفرد بغير هذا الوزن من الجموع.
ولا يصح الاعتذار بمجيء «أفعل» في الواحد ، نحو : «أدرج» في اسم موضع ، لكونه منقولا من الجمع كمدائن ، ولا بآجر ، وآنك (٢) ، لأنهما أعجميان ، ولا بأبلم (٣) ، لأنها لغة رديئة شاذة ، والفصيح ضم الهمزة ، ولا بأشدّ ، لأنه جمع شدة على غير القياس ، أو هو جمع لا واحد له بدليل قوله :
٢٠ ـ بلغتها واجتمعت أشدّي (٤)
فأنث الفعل.
وقال بعضهم : انما قوي حتى قام مقام السببين ، لكونه نهاية جمع التكسير ، أي يجمع الجمع إلى أن ينتهي إلى هذا الوزن فيرتدع ، ولهذا سمي بالجمع الأقصى ، نحو : كلب ، وأكلب ، وأكالب ، ونعم وأنعام وأناعيم ، وأما قوله عليه الصلاة والسّلام : «انكن صواحبات يوسف» ، وقوله :
__________________
(١) الآية : ٦٦ من سورة النحل.
(٢) الآنك : من معانيه : الرصاص أو الذائب منه.
(٣) الأبلم : خوص شجر الدوم.
(٤) روي مجتمع الأشد فلا شاهد فيه. وهو من رجز لأبي نخيلة السعدي في مدح هشام بن عبد الملك. وبلغتها بفتح التاء خطاب للمدوح. ومن هنا قال البغدادي إنه لا يصلح للاستشهاد ثم قال : ولعل ما أورده الشارح من أرجوزة أخرى. أي ليتم له الاستشهاد به.