أو ، لا ، نحو قوله تعالى : (فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ)(١) ، أخذا من استقراء كلامهم ؛ فثبت عدل سحر ، وأمس محققا ، وأما علميتهما فمقدرة ، كما يجيء في الظروف المبنية ، قوله «أو تقديرا» ، قد مضى التقدير (٢).
اعلم أن ما هو على وزن فعل من الأسماء على ثلاثة أضرب : إما اسم جنس غير صفة ، وذلك على ضربين : مفرد ، كصرد ، وهدى ، وجمع كغرف وحجر ، فهذه كلها منصرفة وان سمي بها إذا كان المسمى مذكرا ،
وإما صفة ، وذلك على ثلاثة أقسام : أحدها مبالغة فاعل غير مختصة بالنداء ، كحطم وختع (٣) في مبالغة حاطم وخاتع ، فهو كضروب في مبالغة ضارب ، وثانيها مبالغة فاعل مختصة بالنداء ، نحو يا فسق ، ويا لكع ، فهو في المذكر كفعال في المؤنث نحو يا فساق ويا لكاع ، كما يجيء في باب النداء ، وفعل وفعال ، المختصان بالنداء ، معدولان عند النحاة ، بخلاف نحو حطم وختع ، قالوا : لو لم يكونا معدولين ، بل كانا كحطم ، لم يختصا بالنداء ، بل ساوقا (٤) ما هما لمبالغته في شيوع الاستعمال ، كما ساوق حطم في الاستعمال حاطما ، ولم يختص بباب دون باب.
وأنا لا أرى في نقصان بعض الأشياء المشتركة في معنى عن بعض في التصرف ، دليلا على أن الناقص معدول عن الشائع ، وسيجيء لهذا مزيد بحث في أسماء الأفعال.
ولما كان من مذهبهم أن جميع أنواع «فعال» ، مبنية كانت ، أو ممنوعة من الصرف ، معدولة ، وكذا «فعل» المختص بالنداء ؛ فرّعوا عليه أنك إذا سميت بها ، ففعل لا ينصرف اتفاقا ، نحو فسق علما ، للعدل والعلمية ، وكذا : فعال عند بني تميم ، نحو : نزال وفجار وفساق ، أعلاما ؛ وهذا الذي قالوا : حقّ ، لو ثبت لهم أن جميعها معدول
__________________
(١) الآية ١٦ من سورة المزمل.
(٢) أي معنى العدل التقديري.
(٣) الحطم : الشديد : والختع الماهر الحاذق في الدلاله وهو أيضا من أسماء الضبع.
(٤) أي سارا مثله في عدم الاختصاص بالنداء.