فافعلون ، لا يجوز فيه ، لا قبل الغلبة ولا بعدها ، وأيضا ، أفعل فعلاء لا يجيء الا في الألوان والخلق.
والأولى أن يقال : إنه في الأصل افعل التفضيل ، بشهادة «أجمعون» وجمع ، فكأن معنى قولنا : قرأت الكتاب أجمع ، في الأصل : أنه أتمّ جمعا في قراءتي من كل شيء فهو تفضيل لقولهم جميع ، نحو : أحمد وأشهر في المحمود والمشهور ، ثم جعل بمعنى جميعه ، وانمحى عنه معنى التفضيل ، فعدل في اللفظ عن لوازم أفعل التفضيل الثلاثة ، أعني اللام والإضافة و «من» ، كما ذكرنا في أخر ، فأجمع وآخر فيهما العدل والوصف والوزن ، وأخر وجمع فيهما العدل والوصف.
ويرد على جعل أجمع من باب الأفضل أن مؤنثه جمعاء ، وحقه : جمعى ، كأخرى.
والجواب عنه : أنه لما انمحى عنه معنى التفضيل ، جاز أن يغيّر بعض تصاريفه عما هو قياسه.
ولما بقى فيه معنى الصفة مع أنّ وزنه أفعل ، صار كأحمر الذي هو على أفعل وهو صفة ، فجاز : جمعاء كحمراء ، وإذا جاز لك أن تقول حسناء ، وخشناء ، وعلياء ، مع أن مذكراتها : حسن وخشن وعال ، لكونها (١) صفات فكيف إذا انضم إلى الصفة وزن افعل.
هذا ، وكان على المصنف أن يذكر «سحر» معيّنا في العدل المحقق ، إذ هو غير منصرف في القول المشهور ، ويذكر ، أيضا أمس ، رفعا على لغة بني تميم ، كما يجيء في الظروف المبنية ، لقيام الدليل على عدلهما ، وهو أن كل لفظ جنس أطلق ، وأريد به فرد من أفراده معيّن ، فلا بد فيه من لام العهد ، سواء صار بالغلبة علما نحو : النجم ، والصّعق ،
__________________
ـ ـ والحوص جمع أحوص وهم قوم علقمة جمعه على فعل باعتبار الوصف ثم جمعه على الأحاوص باعتبار الاسمية وعبد عمرو أحد بني الأحوص. ومن هذا الشعر قوله :
فان تتعدني اتعدك بمثلها |
|
وسوف أزيد الباقيات القوارصا |
(١) يريد أن الوصف في كل من حسن وخشن وعال. كان كافيا في مجيء مؤنثها على فعلاء فمن باب أولى إذا كان المذكر على وزن أفعل.