وليس هذا مما جوّز المصنف مثله كما يجيء في باب العطف.
وقوله : «وقيل وجود فعلي» ، والأول أولى لأن وجود «فعلي» ليس مقصودا لذاته ، بل المطلوب منه انتفاء التاء ، لأن كل ما يجيء منه «فعلى» لا يجيء منه «فعلانة» في لغتهم ، الا عند بعض بني أسد ، فانهم يقولون في كل فعلان جاء منه فعلى : فعلانة أيضا ، نحو غضبانة وسكرانة فيصرفون ، اذن ، فعلان فعلى ، وهذا دليل قوي على أن المعتبر في تأثير الألف والنون انتفاء التاء ، لا وجود فعلي ، فإذا كان المقصود من وجود فعلي انتقاء التاء ، وقد حصل هذا المقصود في رحمن ، لا بواسطة وجود رحمي ، بل لأنهم خصّصوا هذه اللفظة بالباري تعالى ، فلم يطلقوه على غيره ولم يضعوا منه مؤنثا ، لا من لفظه ، أعني بالتاء ، ولا من غير لفظه أعني فعلى ، فيجب أن يكون غير منصرف.
فان قلت : لا نسلم أن وجود فعلى مطلوب ليتطرّق به إلى انتفاء فعلانة بل هو مقصود بذاته لأنه يحصل بوجودها مشابهة بين الألف والنون وبين ألف التأنيث ، لكون مؤنث هذا على غير لفظه ، كما أن مذكر ذاك على غير لفظه.
قلت : هذا الوجه ، وان كان يحصل به بينهما مشابهة ، الا أنه ليس وجها للمشابهة ضروريا ، بحيث لا يؤثر الألف والنون بدونه ، بل الوجه الضروري ، كما ذكرنا ، في في التأثير : انتفاء التاء ، ألا ترى إلى عدم انصراف مروان ، وعثمان بمجرد انتفاء التاء ، التاء ، من دون وجود فعلى.
ثم نقول : منع الصرف في رحمن : أولى ، لأن الممنوع من الصرف مما هو على هذا الوزن وصفا في كلام العرب أكثر من المصروف فثبت بهذا أيضا أن اشتراط انتفاء التاء ، أولى من اشتراط وجود فعلى.
وللخصم أن يقول : بل الصرف فيما يشك فيه هل صرفته العرب أو ، لا : أولى لأنه الأصل.
وهكذا (١) الخلاف بينهم قائم في فعلان صفة ، هل انتفى منه فعلانة ، أو ، لا ، وهل
__________________
(١) هذا تلخيص لما تقدم من حكم فعلان الوصف