ويمكن أن يرتكب عدم التضاد بين العدل والوزن ، كما قلنا في دئل ، وكما يمكن أن يقال في «إصمت» علم المكان القفر ، إذ أصله «أصمت» بضمتين فعدل إلى إصمت في حال العلمية ، ولم تطرأ العلمية فيه على وزن الفعل والعدل حتى يقال ليست بمؤثرة لاستقلالهما بالتأثير دونها ، لأنه إنما عدل علما كما قلنا في «شمس بن مالك» (١) ، فإذا نكر مثله بقي فيه الوزن والعدل فلا ينصرف ، لأن العدل وإن حصل فيه لأجل العلمية ، لكنه لا يخرج العلم إذا نكر عن صيغته ، ومن أين له أن صيغة العدل محصورة فيما ذكر من الأوزان؟
هذا كله إن قلنا إن العلم بعد التنكير لا يعتبر أصله ، كما هو مذهب الأخفش ، وإن اعتبرنا ، كما هو مذهب سيبويه ، السبب الأصلي الذي ألغيناه لأجل العلمية ، قلنا في ثلاث ومثلث وبابهما : إنها لا تنصرف لاعتبار الوصف الأصلي مع العدل ، كما في أحمر.
وفرق بعضهم بين هذا الباب وباب أحمر ، بأن قال : الوصف ههنا لا يثبت من دون العدد ، وقد زال العدد بالتسمية ولا يرجع بعد التنكير ، إذ معنى : ربّ ثلاث ، ربّ مسمّى بهذا اللفظ ، بخلاف أحمر المنكر فإنه لا منع أن يكون معنى ربّ أحمر ، ربّ مسمّى بهذا اللفظ فيه الحمرة.
والذي يقوي عندي : أن الزائل بالكلية لا يعتبر ، وصفا كان أو غيره ، في باب أحمر ، كان ، أو في غيره ، وسيأتي تمام الكلام عليه في موضعه.
وقياس قول سيبويه في أحمر : أن ينصرف أخر وجمع بعد التنكير ، لأنهما من باب أفعل التفضيل كما ذكرنا ، وسيأتي أن أفعل التفضيل لا يعتبر فيه الوصف بعد التنكير.
وإذا نكر سحر بعد التسمية به ، فالواجب الصرف ، لأنه لا علمية فيه ، إذن ،
__________________
(١) انظر ص ١٢٥ من هذا الجزء.