هذا مع أن استثناء شيئين بأداة واحدة ، بلا عطف غير جائز مطلقا عند الأكثرين ، لضعف أداة الاستثناء ، إذ الأصل فيه «إلا» وهي حرف. فلا يستثنى بها شيئان ، لا على وجه البدل ولا على غيره ، فلا تقول في البدل ماسخا أحد بشيء إلا عمرو بدرهم ، ولا تقول في غير البدل : ماسخا أحد بشيء إلا عمرو الدينار (١).
ويجوز مطلقا عند جماعة ، وبعضهم فصّلوا فقالوا : إن كان المستثنى منهما مذكورين ، والمستثنيان بدلين منهما جاز ، نحو : ما ضرب أحد أحدا إلا زيد عمرا ، وذلك لأن الاسمين بكونهما بدلين مما قبل إلا كأنهما واقعان موقع ما أبدلا منهما ، أي كأنهما وقعا قبل «إلا» ، وليسا بمستثنيين ، فكأنك قلت : ضرب زيد عمرا ومثل هذا عند الأولين بدل (٢) ، ومعمول عامل مضمر من جنس الأول ، لا بدلان ، والتقدير : ما ضرب أحد أحدا إلا زيد ، ضرب عمرا.
وإن كان المستثنى منهما مقدرين ، نحو : ما ضرب إلا زيد عمرا ، أو كان أحدهما مذكورا دون الآخر نحو : ما ضرب القوم إلا بعضهم بعضا أو كلاهما مذكورين ، لكن المستثنيين لم يبدلا منهما نحو : ما ضرب أحد بشيء إلا زيدا ، أو الازيد السوط ، لم يجز ، لأن المستثنيين ، إذن ، ليسا كالواقعين قبل إلا ، وهي تضعف عن استثناء شيئين إلا على الوجه المذكور.
فإن استدل من أجاز مطلقا بقوله تعالى : (وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ)(٣) ، فإنه لم يذكر المستثنى منهما ، والتقدير : وما نراك اتبعك أحد في حالة إلا أراذلنا في بادي الرأي ، أي بلا رويّة ، فلغيرهم أن يعتذروا بأنه منصوب بفعل مقدر ،
__________________
(١) أي برفع عمرو ، بدلا من أحد ، وجر الدينار ، بدلا من شيء ؛
(٢) أي أن الأول بدل والثاني معمول عامل مضمر أي محذوف. كما سيشرح بالمثال ،
(٣) الآية ٢٧ من سورة هود ،