أي اتبعوا في بادي الرأي ، أو بأن الظرف يكفيه رائحة الفعل ، فيجوز فيه ما لا يجوز في غيره.
وإن أردت في أصل المسألة ، أعني : ما ضرب إلا عمرا زيد : أن زيدا مقدم معنى وليس بمستثنى وأن المراد : ما ضرب زيد إلا عمرا. فالمعنى لا ينعكس ولا يلزم استثناء شيئين بأداة واحدة. إلا أن أكثر النحاة منعوا أن يعمل ما قبل «إلا» فيما بعد المستثنى بها إلا أن يكون معموله الواقع بعد المستثنى هو المستثنى منه ، نحو : ما جاءني إلا زيدا أحد ، أو تابعا للمستثنى نحو : ما جاءني إلا زيد الظريف أو معمولا لغير العامل في المستثنى نحو قولك : رأيتك إذ لم يبق إلا الموت ضاحكا ، وذلك أن ما بعد «إلا» من حيث المعنى من جملة مستأنفة غير الجملة الأولى ، لأن قولك ما جاءني إلا زيد بمعنى : ما جاءني غير زيد وجاءني زيد ، فاختصر الكلام ، وجعلت الجملتان واحدة ، فالأولى ألّا يتوغل المعمول في الحيّز الأجنبي عن عامله ، أما المستثنى فإنه على طرف ذلك الحيز غير متوغل فيه ؛ وإنما جاز وقوع المستثنى منه وتابع المستثنى بعد المستثنى لأن المستثنى له تعلق بهما من وجه ، فكأنه وكل واحد منهما كالشيء الواحد ،
وأما نحو «ضاحكا» فليس في الحيّز الأجنبي من عامله ، إذ قولك : إذ لم يبق إلا الموت معمول رايتك وضاحكا معموله الآخر.
فإذا ثبت هذا ، فان وقع معمول آخر لما قبل «الّا» بعد المستثنى غير الثلاثة المذكورة.
إما مرفوع أو منصوب. ولا يكون إلا في الشعر كقوله :
٤٣ ـ كأن لم يمت حيّ سواك ولم تقم |
|
على أحد الا عليك النوائح (١) |
__________________
(١) من أبيات لأشجع السلمي. وهو متأخر. حيث كان يمدح الرشيد والبرامكة. قال البغدادي : وشعره لا يحتج به فكان حقه أن يؤخره على البيت الذي بعده. وقصده بذلك أن يتحقق الاستشهاد بالبيت الآتي ثم يأتي هذا البيت فيكون تمثيلا لا استشهادا. وهذا مبني على ما استقر عليه رأي المتقدمين من تحديد الزمن الذي ينتهي عنده الاستشهاد بالشعر. والأبيات في الأمالي (٢ ـ ١١٨) منسوبة لأشجع أيضا. وقال محقق الأمالي ان الأبيات في شرح الحماسة للتبريزي لمطيع بن أياس في رثاء بحيى بن زياد وهي أبيات جيدة وبعد هذا البيت :
لئن حسنت فيك المراتي وذكرها |
|
لقد حسنت من قبل فيك المدائح |