وهو اشتقاق بعيد (١).
وقد تطلق الكلمة مجازا على القصيدة ، والجمل ، يقال : كلمة شاعر ، قال الله تعالى : (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى)(٢) ؛
واللفظ في الأصل مصدر ، ثم استعمل بمعنى الملفوظ به ، وهو المراد به هنا ، كما استعمل القول بمعنى المقول ، وهذا كما يقال : الدينار ضرب الأمير ، أي مضروبه ،
والكلام بمعناه (٣) ، لكنه لم يوضع في الأصل مصدرا على الصحيح ، إذ ليس على صيغة مصادر الأفعال التي تنصبها على المصدر نحو : كلمته كلّاما ، وتكلّم تكلّاما (٤) ، بل هو موضوع لجنس ما يتكلّم به ، سواء كان كلمة ، على حرف كواو العطف أو على أكثر ؛ أو كان أكثر من كلمة ، وسواء كان مهملا ، أو ، لا ؛ (٥)
أما اطلاقه على المفردات فكقولك لمن تكلم بكلمة ، كزيد ، أو بكلمات غير مركبة تركيب الإعراب ، كزيد ، عمرو ، بكر : هذا كلام غير مفيد ، وأما اطلاقه على المهمل ، فكقولك : تكلم فلان بكلام لا معنى له ؛
فالقول ، والكلام ، واللفظ ، من حيث أصل اللغة ، بمعنى ؛ يطلق على كل حرف : من حروف المعجم كان ، أو من حروف المعاني ، وعلى أكثر منه ، مفيدا كان ، أو ، لا.
__________________
(١) يرى بعض أئمة اللغة أن كل الكلمات التي تتفق في الحروف الأصلية ترجع كلها إلى معنى واحد يجمع بينها ، ومن هؤلاء : الإمام أبو الفتح بن جني في كتابه الخصائص. ج ١ ص ١٣. وقد يخفى المعنى المشترك الذي يجمع بينها.
(٢) الآية ١٣٧ من سورة الأعراف.
(٣) بمعناه أي بمعنى اللفظ بالتفسير الذي ذكره ، أي أنه يطلق على ما يتكلم به.
(٤) جاءت الكلمتان كلّاما وكلّاما ، هكذا في النسخة المطبوعة ، بتشديد اللام. وقد أصلحت الثانية بزيادة تاء في أولها ليتفق التمثيل مع الضابط الذي اختاره الرضى لمصادر الفعل المزيد في باب المصدر من هذا الشرح. وقد كان أسهل ـ لو لا ذلك ـ أن يقول : تكليما في الأول وتكلّما في الثاني.
(٥) المعطوف المعادل لما بعد سواء لا تلزم معه «أم» إلا إذا صرح بالهمزة مع الأول. وتحقيق ذلك في باب العطف وباب حروف العطف من هذا الشرح.