لكن القول اشتهر في المفيد ، بخلاف اللفظ والكلام ؛ واشتهر الكلام لغة في المركب من حرفين فصاعدا ، واللفظ خاص بما يخرج من الفم من القول ، فلا يقال : لفظ الله كما يقال : كلام الله وقوله ؛
ثم ، قد استعمل الكلام استعمال المصدر فقيل كلمته كلاما ، كأعطى عطاء ، مع أنه في الأصل لما يعطى ،
وهذا كما يحكى عنهم: عجبت من دهنك لحيتك بضم الدال بمعنى دهنك بفتحها ؛
وقد اختص الكلام في اصطلاح النحاة بما سيجيء ؛
والمقصود من قولهم وضع اللفظ : جعله أوّلا لمعنى من المعاني مع قصد أن يصير متواطئا عليه بين قوم ، فلا يقال ـ إذا استعملت اللفظ بعد وضعه في المعنى الأول ـ : إنك واضعه ؛ إذ ليس جعلا أوّلا ، ،
بلى (١) ، لو جعلت اللفظ الموضوع ، لمعنى آخر (٢) مع قصد التواطؤ ، قيل انك واضعه ، كما إذا سميت بزيد (٣) رجلا ؛
ولا يقال لكل لفظة بدرت من شخص لمعنى : انها موضوعة له من دون اقتران قصد التواطؤ بها ،
ومحرّفات العوامّ ، على هذا ، ليست ألفاظا موضوعة لعدم قصد المحرّف الأول إلى التواطؤ ؛
وعلى ما فسّرنا الوضع لم يكن محتاجا إلى قوله «لمعنى» ، لأن الوضع لا يكون إلا لمعنى ، إلا أن يفسّر الوضع بصوغ اللفظ ، مهملا كان ، أو ، لا ، ومع قصد النواطؤ أو ، لا ؛ فيحتاج إلى قوله «لمعنى» ، لكن ذلك على خلاف المشهور من اصطلاحهم ؛
__________________
(١) بلى : التي من حروف الجواب والرضى يستعملها كثيرا في هذا الشرح في مثل هذا المقام.
(٢) متعلق بقوله : لو جعلت اللفظ.
(٣) زيد في الأصل مصدر زاد يزيد زيدا ، ثم سمّى به.