الفاعل ، نحو : كين يقام ، وجعل يفعل ، فبعيد لوجهين : أحدهما : أن هذين الفعلين من عوامل المبتدأ والخبر ، وما حذف في هذا الباب فليس بمنويّ ، ولا يحذف المبتدأ إلا مع كونه منويّا ، فلا ينوب على هذا ، خبر كان المفرد ، أيضا ، عن الفاعل نحو : كين قائم ، وقد أجازه الفراء دون الكسائي.
والثاني : أن الجملة لا تقوم مقام الفاعل إلا محكية ، أو مؤولة بالمصدر المضمون ، ولا معنى لكين القيام.
والمتقدمون منعوا من قيام ثاني مفعولي «علمت» مطلقا مقام الفاعل ، قالوا : لأنه مسند أسند إلى المفعول الأول ، فلو قام مقام الفاعل والفاعل مسند إليه ، صار في حالة واحدة مسندا ومسندا إليه فلا يجوز.
وفيما قالوا نظر ، لأن كون الشيء مسندا إلى شيء ومسندا إليه شيء آخر في حالة واحدة ، لا يضر ، كما في قولنا : أعجبني ضرب زيد عمرا ، فأعجبني مسند إلى ضرب ، وضرب مسند إلى زيد ، ولو كان لفظ مسندا إلى شيء ، أسند أي ذلك الشيء إلى ذلك اللفظ بعينه لم يجز ، وهذا كما يكون الشيء مضافا ، ومضافا إليه بالنسبة إلى شيئين ، كغلام في قولك : فرس غلام زيد.
وأمّا المتأخرون فقالوا : يجوز نيابته عن الفاعل إذا لم يلتبس ، كما إذا كان نكرة ، وأول المفعولين معرفة نحو : ظنّ زيدا قائم ، لأن التنكير يرشد إلى أنه هو الخبر في الأصل.
والذي أرى ، أنه يجوز قياسا نيابته عن الفاعل ، معرفة كان أو نكرة ، واللبس مرتفع مع إلزام كل من المفعولين مركزه ، وذلك بأن يكون ما كان خبرا في الأصل بعد ما كان مبتدأ (١) ، فلا يجوز في نحو : علمت زيدا أباك ، مع اللبس تقديم الثاني على الأول ، وهذا كما قلنا في نحو : ضرب موسى عيسى ، وكذا في نحو : أعلمتك زيدا أباك ، فإذا لزم كل واحد مركزه لم يلتبس إذا قام مقام الفاعل وهو في مكانه.
__________________
(١) أي واقعا بعد ما كان مبتدأ.