أما في المجرور فنحو قوله تعالى : (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ ، إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ)(١) ، أي إن ذلك منه.
وأما في المنصوب فيشترط كونه بفعل لفظا ، قال :
٥٨ ـ فأقبلت زحفا على الركبتين |
|
فثوب لبست وثوب أجرّ (٢) |
أو بصفة محلا ، نحو : أنا زيد ضارب ، ولا يختص مع كونه سماعيا بالشعر خلافا للكوفيين.
وأما المرفوع فلا يحذف لكونه عمدة ، وقد يحذف في الصلة في بعض الأحوال لكونها أشدّ ارتباطا بالموصول من المبتدأ ، كما يجيء في باب الموصولات ، وجواز حذف الضمير في الصلة أحسن منه في الصفة ، لكون اتصالها بالموصول أشد ، إذ لا غنى للموصول عنها ، وهما بتقدير مفرد نحو قوله تعالى : (أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً)(٣) ، ثم الحذف بعدها في الصفة أحسن منه في خبر المبتدأ ، نحو : جاءني رجل ضربت ، لأنها مع الموصوف جزء الجملة ، بخلاف الخبر فإنه مع المبتدأ جملة ، فالتخفيف فيما هو مع غيره ككلمة أولى.
وإنما كان الحذف في الصفة أنقص حسنا منه في الصلة ، إذ ليست الصفة من ضروريات الموصوف ، كما كانت الصلة من لوازم الموصول وضرورياته.
فالحذف في الجملة إذا كانت خبرا للمبتدأ ، على ما قال سيبويه ، يجوز في الشعر بلا وصف ضعف ، وهو في غيره ضعيف.
__________________
(١) الآية ٤٣ سورة الشورى.
(٢) من قصيدة لامرئ القيس وهو من شواهد سيبويه ج ١ ص ٤٤. ويروى الشطر الأول : فلما دنوت تسدّيتها ... وبعده في القصيدة :
ولم يرنا كالئ كاشح |
|
ولم يفش منا لدى البيت سرّ. |
والكالئ الحارس والرقيب. |
والكاشح : المبغض ، ومن القصيدة شواهد أخرى في هذا الشرح ، وفي غيره من كتب النحو.
(٣) الآية ٤١ من سورة الفرقان.