وأما وضع الظاهر مقام الضمير ، فإن كان في معرض التفخيم جاز قياسا كقوله تعالى : (الْحَاقَّةُ ، مَا الْحَاقَّةُ)(١) ، أي : ما هي ، وإن لم يكن فعند سيبويه يجوز في الشعر بشرط أن يكون بلفظ الأول ، قال :
٥٩ ـ لعمرك ما معن بتارك حقه |
|
ولا منسىء معن ولا متيسر (٢) |
بجر منسىء ، فإذا رفعته فهو خبر مقدم على المبتدأ ، وقال :
٦٠ ـ لا أرى الموت يسبق الموت شيء |
|
نغّص الموت ذا الغني والفقيرا (٣) |
وإن لم يكن بلفظ الأول لم يجز عنده.
وقال الأخفش : يجوز وإن لم يكن بلفظ الأول ، في الشعر كان أو في غيره ، قال :
٦١ ـ إذا المرء لم يغش الكريهة أوشكت |
|
حبال الهوينا بالفتى أن تقطعا (٤) |
وليس هذا في خبر المبتدأ ، قال : ويجوز : زيد قام أبو طاهر ، إذا كان زيد يكني
__________________
(١) أول سورة الحاقة. ١ و ٢
(٢) أول بيتين للفرزدق وبعده :
أتطلب يا عوران فضل نبيذهم |
|
وعندك يا عوران زقّ موكّر |
ومراده بمعن : رجل كان يبيع بالنسيئة وكان يضرب به المثل في شدة التقاضي. قال البغدادي : أخطأ من قال ان المراد به معن بن زائدة ، أحد أجواد والعرب ، قال لأنه متأخر عن الفرزدق.
(٣) الاستشهاد به كالذي قبله. والبيت من قصيدة لعديّ بن زيد ، وهو الصحيح وقيل انها لابنه سوادة بن عدى ، وأولها :
طال ليلي أراقب التنويرا |
|
أرقب الليل بالصباح بصيرا |
ضمنها كثيرا من الحكم. وعديّ بن زيد من شعراء الجاهلية في عهد النعمان بن المنذر ،
(٤) شاهد على جواز إعادة الاسم بغير لفظ الأول وأجازه الأخفش ومنعه سيبويه. كما قال الشارح ، وهو من أبيات لشاعر اسمه الكلحبة العريني أو اليربوعي واسمه هبيرة بن عبد مناف ، وهي أبيات حماسية يخاطب فيها حزيمة بن طارق من بني تغلب وكان قد أغار على بني مالك فاستصرخوا بني يربوع فهزموه واستخلصوا منه ما كان قد سباه.
وقد ورد مثل هذا البيت في شعر لشبيب بن البرصاء وهو شاعر أموي. ولم يتغير فيه إلا القافية وهو :
إذا المرء لم يغش الكريهة أوشكت |
|
حبال الهوينى بالفتى أن تجذّما |