التي اتصف بها الخبر ، ولا يحتاج عندهم إلى تقدير شيء يتعلق به الخبر.
وأما البصريون فقالوا : لا بد للظرف من محذوف يتعلق به ، لفظي (١) ، إذ مخالفة الشيء للشيء لا توجب نصبه.
وقال بعض النحاة : العامل فيه المبتدأ.
وقال البصريون : الظرف منصوب على أنه مفعول فيه ، كما أنه كذلك اتفاقا في نحو : جلست أمامك ، وخرجت يوم الجمعة ، والجار والمجرور منصوب المحل على أنه مفعول به ، كما أنه كذلك اتفاقا في نحو : مررت بزيد ، إلا أن العامل ههنا مقدر.
وينبغي أن يكون ذلك العامل من الأفعال العامة ، أي مما لا يخلو منه قعل نحو : كائن ، وحاصل ، ليكون الظرف دالّا عليه ، ولو كان خاصا كآكل وشارب ، وضارب وناصر ، لم يجز لعدم الدليل عليه.
وقد يحذف خاص لقيام الدليل ، نحو : من لك بالمهذّب ، أي من يضمن ، ولا يجوز عند الجمهور إظهار هذا العامل أصلا لقيام القرينة على تعيينه وسدّ الظرف مسدّه ، كما يجيء في : لو لا زيد لكان كذا ؛ فلا يقال : زيد كائن في الدار ، وقال ابن جني بجوازه ، ولا شاهد له.
وأما قوله تعالى : (فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ)(٢) ، فمعناه ساكنا غير متحرك ، وليس بمعنى «كائنا».
وكذا حال الظرف في ثلاثة مواضع أخر : الصفة ، والصلة ، والحال ، وفيما عدا
__________________
(١) لفظي صفة لقوله «محذوف» ولا معنى له هنا إلا أن يكون المراد أن العامل في هذه الحالة يكون لفظيا لا معنويا ، كما أن قوله بعد ذلك : إذ مخالفة : يقصد بها التعليل لقول البصريين وعدم اعترافهم بأن الخبر منصوب في هذه الحالة.
(٢) الآية ٤٠ من سورة النمل.