المواضع الأربعة ، لا يتعلق الظرف والجار والمجرور إلا بملفوظ موجود.
وأكثرهم على أن المحذوف المتعلّق به : فعل ، لأنا نحتاج إلى ذلك المحذوف للتعلق ، وإنما يتعلق الظرف باسم الفاعل في نحو : أنا مارّ بزيد لمشابهته للفعل ، فإذا احتجنا إلى المتعلّق به فالأصل أولى ، وأيضا ، للقياس على : الذي في الدار زيد ، و : كل رجل في الدار فله درهم ، والمتعلّق في الموضعين فعل ، لا غير ، كما يأتي.
وذهب ابن السراج (١) ، وأبو الفتح (٢) ، إلى أنه اسم لكونه مفردا والأصل في خبر المبتدأ أن يكون مفردا.
ولمانع أن يمنع.
قالوا : إنما كان أصله الإفراد ، لأنه القول المقتضي نسبة أمر إلى آخر. فينبغي أن يكون المنسوب شيئا واحدا كالمنسوب إليه ، وإلا لكانت هناك نسبتان أو أكثر ، فيكون خبران أو أكثر ، لا خبر واحد ، فالتقدير في : زيد ضرب غلامه : زيد مالك لغلام ضارب.
والجواب : أن المنسوب يكون شيئا واحدا كما قلتم ، لكنه ذو نسبة في نفسه فلا نقدره بالمفرد ، فالمنسوب إلى زيد في الصورة المذكورة : ضرب غلامه ، الذي تضمنته الجملة.
قالوا : إنه يفصل بالظرف بين «أمّا» وجوابها ، ولا يفصل بينهما إلا بالمفرد ، كما يجيء.
والجواب : أن الظرف في مثله ليس بمستقر ، أي بمتعلّق بمحذوف بل هو منصوب بالملفوظ بعد الفاء ، نحو : أمّا قدامك فزيد قائم ، فهو كالمفعول به في نحو : أما زيدا
__________________
(١) تقدم ذكره ص ٦٧ من هذا الجزء.
(٢) كنيته ابن جني. وتقدم ذكره كثيرا.