وينتصب عنه الحال ، كقوله تعالى : (فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها)(١).
قال أبو علي ، وادّعى بعضهم أنه مجمع عليه : إن الظرف إذا اعتمد على موصول ، أو موصوف ، أو ذي حال ، أو حرف استفهام ، أو حرف نفي ، فإنه يجوز أن يرفع الظاهر ، لتقوّيه بالاعتماد ، كاسمي الفاعل والمفعول والصفة المشبهة ، وكذا قال : إذا وقعت بعده «أنّ» المصدرية ، كقوله تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً)(٢) ، لا صريح المصدر ، أما قوله :
٦٤ ـ أحقا بنى أبناء سلمى بن جندل |
|
تهددكم إياي وسط المجالس (٣) |
فلاعتماد الظرف.
قيل : إنما عمل في «أنّ» بلا اعتماد لشبهها بالمضمر في أنها لا توصف مثله.
ويجوز أن يقال في جميع ذلك : ان الظرف خبر قد تقدم على مبتدئه ، أما في غير المواضع المذكورة ، نحو : في الدار رجل ، فالمرفوع مبتدأ ، مقدّم الخبر.
وعند الكوفيين والأخفش في أحد قوليه ، هو فاعل للظرف لتضمنه معنى الفعل ، كما قالوا في نحو : قائم زيد.
وإنما قال الكوفيون ذلك ، لاعتقادهم أن الخبر لا يتقدم على المبتدأ ، مفردا كان أو جملة ، فيوجبون ارتفاع «زيد» في نحو : في الدار زيد ، وقائم زيد ، على الفاعلية ،
__________________
(١) الآية ١٠٨ من سورة هود.
(٢) الآية ٣٩ من سورة فصلت ؛
(٣) أي ان قوله : تهددكم فاعل لحقا ، لاعتماده على الاستفهام ، وتقديره : أفي حق تهددكم. والبيت للأسود ابن يعفر : جاهلي ، يخاطب جماعة من بني جندل تهددوه في فرس غنمها مع أمهار لها. فرد إليهم الفرس وأبقى الأمهار فهددوه فرد عليهم تهديدهم في قصة ذكرها البغدادي وذكر ما قاله من الشعر في ذلك.