وكذا قولهم : هو مني فوت اليد ، أي : إذا مددت يدي لم أنله ، وهو مني دعوة الرجل ، أي : إذا صاح الرجل لم (١) تبلغه صيحته ، والتقدير : ذو مكان فوت اليد ، وذو مكان بلوغ دعوة الرجل.
وأما انتصاب نحو قولك : داري خلف دارك فرسخين ، وميلا. وبريدا ، أو يوما وليلة ، فلأن الخبر هو «خلف دارك» ونصبها على الحال عند المبرد ، من الضمير في الخبر ، أي ذات مسافة فرسخين.
وعلى التمييز عند الجمهور ، وهو تمييز عن النسبة ، أي تباعدت فرسخين ، فالفرسخان مبعدان لها ، كما أن الماء في : امتلأ الإناء ماء ، مالئ.
ويجوز أن ينتصب على المصدر كقولك : دنوت أنملة ، أي دنوّ أنملة كما قيل في قوله تعالى : (وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ)(٢).
ويجوز رفعها ، وخلف ، ظرف للخبر ، أي ذات مسافة فرسخين خلف دارك ، أو هما خبران.
وكذا قولهم : داري من خلف دارك فرسخين أو فرسخان ، لأن دخول «من» في مثله ، وخروجها على السواء. كما في قولك : جئت قبلك ، ومن قبلك.
قال أبو عمرو (٣) : إذا دخلت «من» وجب الرفع في الظروف التي بعد المجرور ، لأن التمييز فضلة ، وبدخول «من» خرج الكلام عن التمام ، وليس بشيء ، إذ يقال : داري من خلف دارك ويسكت عليه.
__________________
(١) مقتضى تفسيره الآتي للمثال أن تكون «لم» زائدة.
(٢) آية ٣٢ سورة الزخرف.
(٣) المراد أبو عمرو بن العلاء وتقدم ذكره أكثر من مرة. انظر ص ١٣٧ من هذا الجزء.