وكان حق الموصول على هذا. ألّا يكون إلا مبهما كأسماء الشرط نحو من وما ، الشرطيتين ، وإنما جاز ألّا يكون مبهما ، كما في قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا) لأنه دخيل في معنى الشرط.
وكذا كان حق الصلة ألّا تكون الا فعلا مستقبل المعنى كشرط من وما ، إلا أنه لما لم يكن شرطا في الحقيقة جاز ألّا يكون صريحا في الفعلية بل يكون مما يقدر معه الفعل كالظرف والجار والمجرور ، وألّا يكون مستقبل المعنى كقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا) ، وكذا كان حق الخبر أن تلزمه الفاء لكونه كالجزاء ، فمن حيث إنه ليس جزاء الشرط حقيقة جاز تجريده منها مع قصد السببية ، نحو : الذي يأتيني له درهم.
ولا يلزم مع الفاء أن يكون الأول سببا للثاني ، بل اللازم أن يكون ما بعد الفاء لازما لمضمون ما قبلها ، كما في جميع الشرط والجزاء.
ففي قوله تعالى : (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ) الآية : الملاقاة لازمة للفرار ، وليس الفرار سببا للملاقاة ، وكذا في قوله تعالى : (وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ)(١).
كون النعمة منه تعالى لازم لحصولها معنى.
فلا يغرنّك قول بعضهم : إن الشرط سبب الجزاء ، ويجيء تحقيقه في حروف الشرط إن شاء الله تعالى.
والثاني : النكرة العامة الموصوفة بالفعل أو الظرف أو الجار ، نحو : كل رجل يأتيني ، أو أمامك ، أو في الدار فله درهم.
وقد تجيء صفتها ، أيضا ، ماضيا مستقبل المعنى ، نحو : كل رجل أتاك غدا فله درهم ، لما ذكرنا في الموصول.
__________________
(١) الآية ٥٣ من سورة النحل.