على تقدير الكوفيين ، في قولك : ضربي زيدا قائما حاصل ، بأنه ليس هناك ما يسد مسدّ الخبر ، إذ لهم أن يقولوا ، أيضا ، تأخر الحال عن محله سدّ مسدّ الخبر.
ولو تكلفنا ، وقلنا : التقدير كل رجل مقرون وضيعته ، أي هو مقرون بضيعته ، وضيعته مقرونة به ، كما تقول : زيد قائم وعمرو ، ثم حذف «مقرون» وأقيم المعطوف مقامه ، لبقي البحث في حذف خبر المعطوف وجوبا من غير سادّ مسدّه.
ويجوز أن يقال عند ذلك : إن المعطوف أجرى مجرى المعطوف عليه في وجوب حذف خبره.
والظاهر أن حذف الخبر في مثله غالب لا واجب ، وفي نهج البلاغة : (١) «وأنتم والساعة في قرن واحد» ، فلا يكون ، إذن من هذا الباب ، فلا يرد الاشكال.
قال الكوفيون : إن ولي معطوفا على مبتدأ فعل لأحدهما واقع على الآخر جاز أن يكون ذلك الفعل خبرا عنهما ، سواء دلّ ذلك الفعل على التفاعل ، أو ، لا ، فالأول نحو : زيد والريح يباريها ، فيباريها خبر عنهما لكونه بمعنى متباريان ، والثاني نحو : زيد وعمرو يضربه ، وقريب منه قول أمير المؤمنين على رضي الله عنه : «فهم والجنة كمن قد رآها» ، وإنما جاز ذلك لتضمن الخبر ضميريهما.
والبصريون يمنعون مثل هذه ، على أن يكون الفعل خبرا ، إذ الفعل في ذلك كالصفة ، فلا يقال : زيد وعمرو ضاربه بالإتفاق ، ويجوزونها على أن يكون الفعل حالا ، لا غير ، فزيد والريح ، عندهم مثل : كل رجل وضيعته ، ويياريها حال.
__________________
(١) أي من كلام الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه. والرضى يستشهد كثيرا بما ورد في نهج البلاغة منسوبا للإمام علي ، وكلامه رضي الله عنه في مقدمة الكلام الذي يستشهد به بعد كلام الله وكلام رسوله صلّى الله عليه وسلم. ولكن كثيرا من العلماء ينازع في نسبة نهج البلاغة إلى علي. ولو لا هذا لكثر الاستشهاد بما ورد فيه. وبعض العلماء صحح نسبة الكتاب إلى علي ودافع عن كل ما أثير من شبه حول نسبته إليه. والله أعلم بحقيقة الحال. وما أورده الرضى هنا من خطبة في نهج البلاغة ج ٢ ص ٨٢ طبعة الحلبي سنة ١٩٦٣ إخراج محمد أبو الفضل ابراهيم : وبعد الجملة المذكورة : وكأنها قد جاءت بأشراطها.